منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٢٦٤
فمرادهم بأصالة عدم الحجية في الامارات غير العلمية هو القاعدة المستفادة من العمومات وحكم العقل، لا الاستصحاب، لما عرفت من استلزامه إحراز ما هو المحرز وجدانا بالتعبد، ومن عدم أثر للاستصحاب بعد وضوح كون الأثر الذي يراد ترتيبه عليه من عدم المنجزية والمعذرية مترتبا على نفس الشك في الحجية المحرز وجدانا، فلا يشمله عموم دليل الاستصحاب، بل الموضوع المحرز بالاستصحاب - على فرض جريانه - أجنبي عن موضوع الأثر - وهو حرمة التعبد بمشكوك الاعتبار - حيث إن الحرمة مترتبة على مشكوك الحجية، وهذا الشك موجود وجدانا، وليست الحرمة مترتبة على عدم إنشاء الحجية حتى يلزم إحرازه بالاستصحاب.
وبالجملة: فالغرض من إجراء الاستصحاب ان كان إثبات الموضوع، ففيه:
أن ما يثبته الاستصحاب أجنبي عن موضوع حرمة التعبد. وان كان إثبات الحكم، ففيه: أن الحكم ثابت بدون جريانه، إذ موضوعه نفس الشك في الحجية وهو محرز وجدانا، وليس حرمة التعبد مترتبا على عدم جعل الحجية واقعا حتى نحتاج في إحرازه إلى الاستصحاب، فلا وجه لاجرائه اما لعدم الأثر، واما للزوم تحصيل ما هو حاصل وجدانا بالتعبد.
ويظهر مما ذكرنا غموض ما في تقريرات بعض أعاظم العصر، حيث إنه أجرى الاستصحاب في عدم الحجية، ودفع إشكال لزوم تحصيل الحاصل (بأنه يلزم فيما إذا كان كل من الحاصل والمحصل أمرا واحدا، وليس المقام