منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٢٦٣
الاستصحاب فيها الا إذا كان الأثر الشرعي - وهو حرمة العمل - أثرا لخصوص الشك في الحجية، إذ المفروض وجود الشك وجدانا، ولا معنى للتعبد بوجود شئ موجود بالوجدان، حيث إنه من أردأ وجوه تحصيل الحاصل المحال.
و أما إذا كان الأثر الشرعي - كحرمة العمل في المقام - أثرا لكل من عدم الحجية واقعا ومن الشك فيها، فلا مانع من استصحاب عدم الحجية واقعا وترتيب أثره وهو حرمة العمل، وهذا الاستصحاب يقدم على القاعدة المضروبة لحكم هذا الشك، لحكومته عليها كحكومة استصحاب الطهارة على قاعدتها هذا. لكن المصنف (قده) عدل عما في الحاشية إلى ما في الكفاية، ولم يجر الاستصحاب في عدم الحجية.
وكيف كان ففيما أفاده (قده) في الحاشية منع، بداهة أن حكم العقل بقبح التشريع والاسناد إلى المولى في صورتي العلم بمخالفة الواقع والجهل بها انما هو بملاك واحد وهو نفس عدم العلم بالواقع، لا عدم الواقع حتى نحتاج في إثبات حرمة العمل بمشكوك الاعتبار إلى إحراز موضوعه، وهو عدم جعل الحجية له واقعا.
وبالجملة: موضوع حكم العقل بقبح التعبد وحكم الشرع بحرمة العمل واحد وهو عدم العلم بورود التعبد بالامارة، ومن المعلوم أن عدم العلم موجود وجدانا، ولا يعقل إحرازه بالتعبد.
فالنتيجة: أن استصحاب عدم إنشاء الحجية لا يجري في الامارة التي شك في اعتبارها، بل تترتب آثار عدم الحجية على مجرد الشك فيها، كما ذهب إليه شيخنا الأعظم وتبعه المصنف في الكفاية و المحقق النائيني قدس الله تعالى أسرارهم