منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٢٥٣
وثانيا: من أن نفس الاحتياط المتعلق للامر يقتضي اختصاص الوجوب بصورة وجود الحكم الواقعي، لان تشريعه انما يكون لحفظه في ظرف الجهل به، لأنه متمم لقصور الخطاب المجهول، والإحاطة به - أي امتثاله - منوطة بالاحتياط في الشبهات، للعلم الاجمالي بمصادفة بعض أوامر الاحتياط فيها للحكم الواقعي، وهذا العلم الاجمالي يوجب العمل بأوامر الاحتياط في الشبهات، وبه يخرج الامر بالاحتياط عن اللغوية، وعن التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، ففي قوله:
(فيصبح لغوا في جعله) ما لا يخفى.
وأما قياس المقام بمسألة وجوب الاعتداد على المرأة، ففيه أولا: أنه لم يظهر انحصار ملاك وجوب الاعتداد في اختلاط المياه.
وثانيا: أن لازمه خلو جملة من الموارد عن الملاك بعد وضوح كون الاحكام انحلالية، وذلك يوجب الترجيح بلا مرجح، وقد استقر مذهب العدلية على تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد، والالتزام بخلو بعض الأحكام عن الملاك مناف للحكمة.
وثالثا: أن إطلاق وجوب الاحتياط في صورة عدم المصادفة يستلزم حرمة التصرف في المال المردد بينه وبين غيره مع كونه ملكا له واقعا. وكذا حرمة الاستمتاع بالمرأة المرددة بين كونها أجنبية وزوجته مع فرض زوجيتها له واقعا، لأنه خالف وجوب الاحتياط، فيسقط عن العدالة، ويترتب عليه آثار ارتكاب الحرام من وجوب التعزير وغيره.
ورابعا: أنه على فرض صحة ما أفيد في مسألة وجوب الاعتداد على المرأة