منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٢٥٥
المكلف وإعلامه برفع جهله تكوينا أو إيجاب الاحتياط عليه. وأخرى لا تكون كذلك، بل يسد بعض أبواب عدمه كإنشاء الخطاب القاصر عن تحريك العبد حال جهله به، فان عدم المصلحة ينسد من هذه الحيثية دون سائر الحيثيات التي لها دخل في وجود المصلحة، فلا يرفع جهل العبد بالخطاب.
وببيان أوضح: قد تتعلق الإرادة التشريعية بوجود فعل ذي المصلحة و سد عدمه من جميع الجهات، وقد تتعلق بوجوده من بعض الجهات.
ثانيتهما: أن الكاشف عن كيفية المصلحة والدليل عليها في مقام الاثبات ليس الا الخطاب، ومن المعلوم أنه بنفسه قاصر عن التحريك و البعث في ظرف الشك فيه، فلا يحفظ المصلحة من قبله إلا حال العلم به، ولو اهتم الشارع بحفظها مطلقا كان عليه تتميم قصور محركية الخطاب الأولى بجعل آخر.
إذا عرفت هذا ظهر لك: أن الإرادة التي ينافيها الترخيص في ترك ذي المصلحة هي الإرادة التشريعية المولوية المتعلقة بوجود المراد بنحو الاطلاق، إذ المفروض اهتمام الشارع حينئذ بحفظ المصلحة التي لا يرضى بتركها في شئ من الحالات، فلا بد من نشوء إرادات غيرية منها بإيجاد مقدمات وجودها وسد جميع أبواب عدمها، والا فلا مانع من الترخيص في تركها، لان حيثية إعلام الواقع لم تكن موضوعا للإرادة، وإلا لزم تتميم محركية خطابه بإيجاب الاحتياط، بل الإرادة تعلقت بوجود الواقع من ناحية الجعل فقط ولم يكن إعلامه موضوعا لها، فالترخيص بلحاظ الحجة عليه من أمارة أو أصل لا بأس به، لأنه لم يتعلق إرادته بسد باب عدمه من ناحية الاعلام.
فالمتحصل: أن الاشكال الخطابي يندفع بطولية الموضوع الموجبة لتعدده،