منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٤ - الصفحة ٢٣٣
الالتزام [1] بعدم انقداح الإرادة أو الكراهة في بعض المبادي العالية
ومعنى ذلك ثبوت الاشكال وتسليمه، وهو خلاف المقصود كما لا يخفى.
[1] لا يخفى أن الالتزام بعدم انقداح الإرادة والكراهة اللتين هما من مبادئ الحكم يستلزم كون الحكم اقتضائيا أو إنشائيا محضا، إذ لا معنى للفعلية بمعنى التنجز في ظرف العلم به مع فرض عدم الإرادة و الكراهة، إذ معنى التنجز هو استحقاق المؤاخذة على مخالفة الحكم، ومن المعلوم توقف هذا الاستحقاق على بعث المولى أو زجره التابعين للإرادة والكراهة، فمع عدمهما لا بعث ولا زجر ولا مخالفة.
وبالجملة: فإنكار انقداح الإرادة والكراهة بالنسبة إلى الحكم الواقعي يساوق الالتزام بالانشائية التي ذكرها الشيخ الأعظم (قده)، و لازمه عدم وجوب موافقة مؤديات الامارات، إذ وجوبها منوط بالبعث أو الزجر المنوطين بالإرادة والكراهة، والامارة لا تنجز الحكم الا بعد البعث والزجر، إذ يعتبر أن يكون انبعاث العبد عن بعث المولى لتكون إرادته التكوينية تابعة لإرادة المولى التشريعية، ومع عدم الإرادة لا بعث فلا انبعاث، هذا.
اللهم الا أن يقال: ان قيام الامارة يوجب كلا من البعث والزجر، حيث إن المانع عن انقداح الإرادة والكراهة هو مصلحة الجهل، وبالامارة - كالعلم - يرتفع المانع، فينقدح الإرادة أو الكراهة، ويتنجز أيضا. و عليه فالعلم بالحكم الانشائي موضوع لمرتبتين: إحداهما الفعلية - وهي البعث أو الزجر - والثانية التنجز، إذ لو كان العلم بالبعث أو الزجر موضوعا لمتعلقه لزم الدور كغيره مما يؤخذ العلم موضوعا لمتعلقه، ولزم وحدة رتبتي الفعلية والتنجز، وذلك خلاف ما عليه المصنف (قده) من تربيع مراتب الحكم، وتأخر التنجز رتبة عن الفعلية