منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٦٧
أحبية المأمور به الاضطراري الثانوي منه، كما يدل عليه جملة من النصوص، للزوم اشتراك المفضل والمفضل عليه في المبدأ، كما قرر في محله تقتضي صحة المأمور به الأولي، إذ لا معنى للمحبوبية مع البطلان إلا بناء على إناطة الصحة بالامر، وعدم كفاية المحبوبية فيها، لكن هذا المبنى قد زيف في محله. وبالجملة: بطلان العمل الواقعي الأولي ينافي محبوبيته التي تقتضيها أحبية العمل الصادر تقية.
فإنه يقال: المراد بالأحبية هو: أن المبادرة بالاتيان بالمأمور به على وجه التقية، وعدم التأخير إلى زوال العذر حتى يتمكن من إتيانه على الوجه المأمور به أولا أفضل وأحب من تأخيره، ليأتي به على غير وجه التقية، فمحبوبية العمل الواقعي الأولي إنما تكون بعد ارتفاع التقية، لا حين الابتلاء بها، حيث إن التقية زاحمت المحبوبية في التأثير، فلا محبوبية ولا أمر للواقع الأولي.
والوجه في هذا التوجيه الراجع إلى كون محبوبية المأمور به الواقعي الأولي في غير حال التقية هو: أن الإذاعة المنهي عنها تنطبق على المأمور به الأولي، ومعه يمتنع اتصافه بالمحبوبية، فالمراد من الرواية بهذه القرينة محبوبية في غير حال التقية، لأنه في هذا الحال منهي عنه.
فمعنى الرواية - والله العالم - هو: أن العمل الناقص الصادر تقية أحب من ترك التقية، والآتيان بالمأمور به في وقت لا ينطبق عليه إذاعة السر.
والحاصل: أن محبوبيته لا تكون في حال التقية، لانطباق العنوان المنهي عنه عليه، فلا منافاة بين ما ذكرناه هنا، وبين ما تقدم في ذيل الاشكال على وجه بطلان العبادة المخالفة للتقية من: أن الأحبية تقتضي محبوبية المفضل عليه، وهي العبادة الواقعة على غير وجه التقية.
تقريب عدم المنافاة: أن محبوبيته مقيدة بغير إذاعة السر،