منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٤٥
وبالجملة: هذا الوجه من قبيل الترتب المعلوم توقفه على وجود الملاك في الطرفين.
ورابعا: بعد تسليم تعدد الملاكات وتزاحمها في الوجود لا يمكن أيضا الالتزام بإناطة وجوب كل من الأطراف بعدم الاخر، وذلك لان هذه الإناطة إنما تصح في التزاحم الاتفاقي، كإنقاذ الغريقين مع عدم أهمية أحدهما. وأما في التزاحم الدائمي - كالمقام - حيث إن تزاحم ملاكات الابدال من الصوم والاطعام والعتق دائمي مع عدم عجز المكلف عن الجمع بينها، فلا محالة يكون أحد الملاكات مؤثرا في تشريع حكم واحد لاحد الأطراف، لا أن جميعها تؤثر في تمام الأطراف. فهذا الوجه الرابع غير سديد.
الخامس: إرجاع التخيير الشرعي إلى العقلي، ببيان: أن الغرض من أحد الامرين أو الأمور واحد، والمفروض حصوله بأحدهما أو أحدها، وحيث إن المتباينات بما هي متباينات لا تؤثر في واحد، فلا بد أن يكون هناك جامع يؤثر في الغرض الواحد، لئلا يلزم صدور الواحد عن المتعدد، فمتعلق الوجوب حقيقة هو ذلك الجامع، ولازمه كون التخيير بين الأطراف عقليا، لان مطلوبية كل منها إنما هي لمصداقيته لذلك الجامع، لا لوقوع كل منها بخصوصيته الشخصية موردا للطلب.
وإنما تكون الخصوصية الفردية من لوازم الوجود، من دون دخلها في متعلق الوجوب.
وليس هذا التخيير إلا عقليا، إذ الواجب التخييري الشرعي عبارة عن دخل الخصوصيات الفردية في المطلوب، وهذا هو الفارق بين التخيير الشرعي والعقلي.
وفيه أولا: أن برهان امتناع صدور الواحد عن الكثير غير تام في الوحدة النوعية، كالاقتدار على الاستنباط الذي هو الغرض في علم الأصول، وإنما يتم