منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٤٢٠
بين النفسية إن كان المورد من قبيل التجري، وبين الغيرية إن كان من باب السراية.
الثالث: أن يتوسط بين المقدمة وذيها اختيار وإرادة للفاعل، ولكن لم يأت بالمقدمة بقصد التوصل إلى الحرام، بل له صارف عن إتيانه.
والحكم في هذه الصورة عدم حرمة المقدمة، واختصاص الحرمة بذيها، إذ لا وجه لحرمة المقدمة مع فرض عدم كونها علة تامة للوقوع في الحرام، وعدم قصد فاعلها للتوصل بها إلى الحرام.
وأنت خبير بما في عدا القسم الثالث من الاشكال.
إذ في الأول: أنه خلاف مبناه (قده): من كون المقدور مع الواسطة مقدورا، ومن صحة التكليف بالمقدور التوليدي كالمقدور المباشري، فالمحرم النفسي حقيقة هو ذو المقدمة، والمقدمة حرام غيري.
وفي الثاني: عدم حرمة المقدمة لا نفسية ولا غيرية. أما النفسية، فلابتنائها على حرمة التجري، وهي غير ثابتة شرعا، والتفصيل في محله. وأما الحرمة الغيرية فلفقدان ملاكها - وهو التوقف - ضرورة أن المطلوب - وهو الاجتناب عن الحرام - لا يتوقف على ترك المقدمة، إذ المفروض كونه قادرا على ترك الحرام بعد الاتيان بالمقدمة أيضا.
وقياس المقام بمقدمة الواجب فاسد، حيث إن المحبوب يراد وجوده، فتسري محبوبيته إلى جميع مقدمات وجوده، لتوقف وجوده على كل واحدة من مقدماته، فيتعذر وجوده عند عدم واحدة منها. وهذا بخلاف الحرام المبغوض، فإن المطلوب هو تركه المعلوم تحققه بترك إحدى مقدمات وجوده، فلا تسري المبغوضية إلى جميع مقدماته، بل إلى واحدة منها تخييرا. ففرق واضح بين مقدمات الواجب و بين مقدمات الحرام.
ومن هنا يظهر: صحة ما أفاده: من عدم الحرمة في القسم الثالث، إذ