منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ١١٤
أن المراد بالمقدمة الداخلية في مورد البحث هي الداخلية بالمعنى الأخص أعني أجزأ المركب الاعتباري التي تكون داخلة في المأمور به قيدا وتقيدا، وقد حكى في البدائع عن بعض كالمحقق سلطان العلماء في بعض حواشيه على المعالم التصريح بخروج الاجزاء عن حريم نزاع وجوب المقدمة بقوله: (وجوب الكل يستلزم وجوب كل أجزائه، إذ جز الواجب واجب اتفاقا)، فان كان نظره إلى لزوم اجتماع المثلين المستحيل، حيث إن الاجزاء واجبة بالوجوبين النفسي و الغيري على ما تقدم تفصيله عند شرح قول المصنف: (فلا تكاد تكون واجبة بوجوب آخر، لامتناع اجتماع المثلين)، ففيه: أنه يمكن دفعه بأن اجتماعهما لا يؤدي إلى اجتماع المثلين، بل إلى الاندكاك و التأكد، فهو نظير صلاتي الظهر والمغرب، فإنهما واجبتان نفسيا كما هو واضح، وغيريا، لكونهما شرطين لصحة ما يترتب عليهما من صلاتي العصر والعشاء.
والاشكال على التأكد كما في مقالات شيخنا المحقق العراقي (قده) بما هذا لفظه: (وتوهم التأكد في مثل المقام غلط، إذ الوجوب الغيري معلول الوجوب النفسي، ومتأخر عنه بمقدار تخلل الفاء الحاصل بين العلة والمعلول، وهذا الفاء مانع عن اتحاد وجودهما، ولو بالتأكد) لا يخلو من الغموض، لان مناط التأكد هو اجتماع الحكمين زمانا على مورد واحد سواء اتحدا رتبة، أم اختلفا فيها، فإذا نذر الاتيان بصلاة الظهر مثلا جماعة، فلا ينبغي الاشكال في تأكد وجوبها الأصلي بوجوبها النذري مع اختلاف رتبتهما، كما لا يخفى.
وإن كان نظر من يمنع عن وجوب الاجزاء مقدميا إلى: أن وجوبها النفسي متفق عليه، وذلك يغني عن اتصافها بالوجوب الغيري، إذ لا ثمرة له بعد وجوبها النفسي ففيه أولا: أن وجوب الاجزاء نفسيا غير مسلم عند الكل، كما يظهر من تقريرات