ويصلح الخاص الآخر للقرينية، فلا مقتضى فيه للكاشفية عن المراد بل اقتضائه انما يكون بالنسبة إلى غير ما خصص، فلابد من ملاحظة النسبة بين العام المخصص والخاص الآخر.
الصورة الثانية: ما إذا ورد عام وخاصان بينهما عموم من وجه، والكلام فيها أيضا في موردين، الأول ما إذا كان الخاصان متوافقين، كما إذا ورد أكرم العلماء، ثم ورد لا تكرم الفساق من العلماء، ثم ورد لا تكرم النحويين، الثاني، ما إذا كان الخاصان مختلفين - مثل - ما إذا دل دليل على وجوب اكرام العلماء ودليل آخر على حرمة اكرام النحويين، ودليل ثالث على استحباب اكرام الصرفيين.
اما المورد الأول: فمورد الاجتماع، وهو النحوي الفاسق لا يجب اكرامه بمقتضى الخاصين فيخصص به العام ويكون النسبة بين الخاصين في موردي الافتراق هو التباين فيعامل حينئذ معاملة التباين الذي مر آنفا.
واما المورد الثاني: فيخصص العام في مجمع التصادق، وهو النحوي الصرفي ويحكم بعدم وجوب اكرامه، واما انه هل يستحب أو يحرم فيرجع فيه إلى ما يقتضيه القواعد بين العامين من وجه، وحينئذ فعلى المختار في العامين من وجه من الرجوع إلى الاخبار العلاجية فهو، وعلى القول بالتساقط يسقطان، معا، ويرجع فيه إلى العام، ولا وجه لدعوى انهما يسقطان عن الحجية بالنسبة إلى مدلولهما المطابقي لا الالتزامي: لما تقدم من تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية حجية أيضا فراجع.
واما في موردي الافتراق فيجرى فيهما ما ذكرناه في الصورة الأولى.
الصورة الثالثة: ما إذا ورد عام وخاصان بينهما عموم مطلق كما إذا ورد أكرم كل شائب ودل دليل آخر على إباحة اكرام الفساق منهم، وورد دليل ثالث انه يحرم اكرام شارب الخمر منهم، لا اشكال في تخصيص العام بالخاص الأخص لعدم حجية العام فيه على كل تقدير، والنسبة بينه وبين الخاص الأعم أيضا عموم مطلق فيخصص به ويختص الخاص الأعم بغير مورد الأخص، وتكون النسبة بينه وبين العام عموم مطلق كما لا يخفى.
الصورة الرابعة: ما إذا ورد عامان من وجه وخاص مطلق، فان كان الخاص أخص منهما وكان يخرج مادة الاجتماع منهما، كما إذا ورد يجب اكرام العلماء، ثم ورد، يحرم