بالصدور وبالظهور، كما أن التعبد بكون المضمون تمام المراد فرع التعبد بجهة الصدور، بداهة انه لابد من فرض صدور الخبر لبيان حكم الله حتى يتعبد بكون مضمونه تمام المراد لا جزئه، نعم ليس بين التعبد بالصدور وبالظهور، ترتب وطولية، ولازم ما ذكر هو تقديم المرجح الصدوري على المرجح الجهتي عند التعارض بينهما، كما هو ظاهر أدلة الترجيح كالمقبولة.
ثم انه (قده) أشكل على نفسه بأنه في خبر القطب المتقدم، قدم الترجيح بموافقة الكتاب على مخالفة العامة مع أن الأول مرجع مضموني، والثاني مرجح جهتي، وأجاب عنه بأنه يمكن ان يقال بكون موافقة الكتاب من المرجحات الصدورية.
ويرد عليهما، ان أدلة حجية الخبر الواحد لا تشمل شيئا من المتعارضين عندهما:
لان بنائهما على أن مقتضى القاعدة هو التساقط، فيتعين الرجوع إلى الاخبار العلاجية ولا وجه معه لهذه الأمور الاعتبارية، وان شئت قلت: ان المراد من الحجية التي قال الشيخ (ره) ان المرجح الجهتي انما يكون بعد فرض حجيتهما، ان كان هي الحجية الفعلية فليست فيهما قطعا، وان كان المراد هي الحجية الشأنية، فهي فيهما على حد سواء، وبالجملة لا بد في مقام الاخذ بالحجة من ملاحظة ما ورد عنهم عليهم السلام ولا ينبغي الاعتناء بهذه الأمور الاعتبارية، والإمام (ع) قدم المرجح المضموني وهو موافقة الكتاب، على المرجح الجهتي وهو مخالفة العامة.
واستدل للقول الثاني بوجهين الأول: ان الخبر الموافق للعامة يدور امره بين أمرين 1 - عدم الصدور 2 - الصدور تقية، ولا يعقل التعبد به على التقديرين، فحينئذ لا يحتمل تقديم المرجحات السندية على مخالفة العامة.
وفيه: ان الخبر الموافق لابد وان يفرض بنحو يكون حجة لو كان وحده، والا لما صدق التعارض وما فرض في الدليل لا يكون حجة لو كان وحده، - وبعبارة أخرى - ان الامر إذا دار بين أمرين، عدم الصدور، أو الصدور تقية فهو خارج عن ما نحن فيه، ويقطع بعدم حجيته، فلا يعارض مع المخالف للعامة، واما ما هو محل الكلام فأمره يدور بين ثلاثة: عدم الصدور، أو الصدور تقية، أو الصدور لبيان حكم الله الواقعي.