اما الأول: فعن المحقق النراقي (ره) انه يخصص العام أولا بأحدهما، إذا كان ذلك هو الاجماع ونحوه، ثم يلاحظ النسبة بين العام المخصص والخاص الآخر، وليست النسبة حينئذ هو العموم المطلق كما هو واضح.
وأورد عليه المحقق الخراساني بان النسبة انما تلاحظ بملاحظة الظهورات وتخصيص العام بمخصص منفصل ولو كان قطعيا لا ينثلم به ظهوره وان انثلم به حجيته.
وفيه: ان التعارض انما يكون بين الحجج، واما ما ليس بحجة فلا معنى لتعارضه مع الحجة: إذ ما ليس بحجة كيف يمكن ان يعارض مع الحجة، فالمعارض لا بد وأن يكون حجة لولا المعارضة.
ولكن يرد على المحقق النراقي (ره) ان الاجماع أو نحوه ليس من قبيل القرينة المتصلة المانعة عن انعقاد ظهور العام في العموم فلا فرق بينه وبين المخصص اللفظي، ولا وجه لملاحظة النسبة بينه وبين العام أولا لقبح الترجيح بلا مرجح.
وعليه فهل تلاحظ النسبة بين العام وبين مجموع الخاصين ثم بين الخاصين كما اختاره المحقق الخراساني وغيره من الأساطين، أم تلاحظ النسبة بين جميع الأدلة؟
وجهان.
قد استدل للأول، بان نسبة العام إلى الخاصين على حد سواء فتخصيصه بأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح، وبهما معا يلزم المحذور المتقدم، فيعامل مع الخاصين والعام معاملة المتعارضين، فان قدم الخاصان، فهو ومعه لا مجال للعمل بالعام أصلا، وان قدم العام فلا يطرح من الخاصين الا خصوص ما لم يلزم مع طرحه المحذور فان التباين انما كان بينه وبين مجموعها لا جميعها، فحينئذ ربما يقع التعارض بين الخصوصات فيخصص ببعضها ترجيحا أو تخييرا.
أقول: لا اشكال في أن دلالة العام على بعض الافراد في الجملة انما تكون بالنصوصية، وبوضع المادة لذلك، وتقدم الخاص عليه انما يكون فيما لم يصادم مع هذه الدلالة، ودلالته على جميع الافراد انما تكون بالظهور، وبأصالة العموم، وقد مر ان الخاص وارد أو حاكم عليه في دلالته هذه.