الأكثرية لا تكون منشئا لذلك بعد كون العام قابلا للتخصيص أيضا.
الثاني: انه على فرض عدم كون التقييد مجازا، حيث إن ظهور العام في العموم يكون بالوضع وظهور المطلق في الشمول بمقدمات الحكمة يقدم الأول.
وذلك: لان سراية الحكم إلى جميع الافراد في موارد العموم الوضعي لا يحتاج إلى جريان مقدمات الحكمة، بل أداة العموم بنفسها كاشفة عن ذلك، وان المدخول غير مقيد بقيد، وهذا بخلاف سراية الحكم إلى جميع الافراد، في موارد الاطلاق، فإنها بمقدمات الحكمة، وهذا هو المراد من كون دلالة العام تنجيزية، ودلالة المطلق تعليقية.
وعليه فدلالة العام على حكم المجمع لا تتوقف على شئ، وهذا بخلاف دلالة المطلق، فإنها متوقفة على جريان مقدمات الحكمة، ومنها عدم البيان، والعام يصلح للبيانية، فمع وجوده لا تتم المقدمات، فلا يثبت الاطلاق للمطلق ولا ينعقد له ظهور فيه.
ولا يمكن ان يقال، ان العام انما يكون حجة في العموم لولا المخصص، والمطلق يصلح لذلك.
: فان تخصيصه به دوري فإنه متوقف على حجية المطلق في اطلاقه وانعقاده المتوقفة على عدم حجية العام في عمومه المتوقف على مخصصية المطلق وهذا دور واضح.
والحق في الجواب عن ذلك أن عدم البيان الذي هو من مقدمات الحكمة انما هو عدم البيان ببيان القيد متصلا بكلامه لا عدم بيان القيد ولو منفصلا، فإنه مانع عن دلالة الكلام على المراد الجدي، لا المراد الاستعمالي.
توضيح ذلك: ان لكل جملة دلالتين، أحدهما: دلالتها على أن المتكلم أراد بها تفهيم معناها ويعبر عنها بالدلالة التصديقية فيما قال، ثانيتهما: دلالتها على أن المراد الجدي مطابق للمراد الاستعمالي بل هذه ليست في الحقيقة من دلالة اللفظ في شئ، بل بناء العقلاء جار على ذلك، وبيان القيد المتصل يمنع عن انعقاد الظهور في الاطلاق، واما بيان القيد المنفصل فهو لا يمنع عن ذلك، بل يوجب تقييد المراد الجدي، وعليه فالعام لا يصلح بيانا لما هو مانع عن انعقاد الاطلاق