ولو كان العام أرجح من أحد الخاصين ومساويا مع الآخر، فعلى المسلك الأول يقدم العام عليهما لان المشتمل على المساوي والأضعف يكون أضعف فيقدم العام.
ولكن على ما اخترناه يقدم العام على الخاص الخاص المرجوح ويتخير بين الاخذ بالخاص الآخر والعام.
ولو كان العام مساويا مع أحد الخاصين ومرجوحا بالنسبة إلى الآخر، فعلى المسلك الأول يقدم الخاصان لان المشتمل على المساوي والأقوى يكون أقوى.
ولكن على مسلكنا يقدم الخاص الراجح ويتخير بين العام والخاص المساوي، وعلى التقديرين لا يكون هذا المورد من موارد انقلاب النسبة.
واما المورد الثاني: وهو ما إذا كان أحد الخاصين متصلا والآخر منفصلا، كما إذا ورد أكرم العلماء الا النحويين منهم، ثم ورد منفصلا، لا تكرم الأصوليين وفرضنا ان العلماء صنفان نحوي، وأصولي، لا اشكال في أنه يخصص العام أولا بالمتصل ثم يلاحظ النسبة مع المنفصل، والسر في ذلك: ان المخصص المتصل لا يبقى للعام ظهورا في العموم، لما مر من أن الظهور التصديقي فيما قال أيضا يتوقف على عدم وجود القرينة المتصلة، والعام مع القرينة المتصلة انما يكونان بحكم ما لو عبر عن الموضوع بلفظ بسيط، فالمثال الأول، بحكم أكرم الأصوليين، وهذا هو الفارق بين المتصل والمنفصل حيث إنه في الثاني ينعقد للعام ظهور في العموم والخاص، يصادم مع حجيته، والمتصل يصادمه في الظهور.
وبما ذكرناه يندفع ما قد يتوهم من أن التعارض انما يكون في الكاشفية عن المراد وفى الكاشفية عن المراد لا فرق بين القرينة المتصلة والمنفصلة.
وجه الاندفاع: ان التعارض انما يكون بين الشيئين الذين يكون كل منهما حجة في نفسه لولا التزاحم، لا بين ما لا يكون حجة في حد نفسه ولو لم يكن مزاحم وغيره وعليه فإذا كان الخاصان منفصلين فحيث ان العام انعقد ظهوره في العموم وهو حجة فيه، والخاصان كل منهما يصلح للقرينية ونسبتهما إليه على حد سواء، فيقع التعارض بين الجميع وأما إذا كان أحدهما متصلا فلا ينعقد للعام ظهور في العموم كي يعارض،