فان قلت، ان الاطلاق في الموضوع يلازم الاطلاق في الجعل، وذلك: لأنه إذا وجب الحج مثلا لمن يأتي بعد الف سنة فبعد تلك المدة يجب عليه الحج، وهذا يلازم لبقاء الجعل إلى ذلك الوقت والا لما كان واجبا عليه.
قلت: ان جعل الحكم عليه انما يكون من أول زمان الجعل، واما فعليته له فهي تتوقف على بقاء الجعل، واثباته بها دوري.
وليس وجهه استصحاب عدم النسخ لما تقدم في التنبيه السادس مفصلا.
بل البناء على عدم النسخ انما هو لأجل الأدلة الخارجية من قبيل حلال محمد (ص) حلال إلى يوم القيامة، وما شاكل، وعليه فلو كان تعارض فإنما هو بين عموم هذه الأدلة وأصالة العموم.
واما الثاني: فالحق انه يقدم التخصيص ويبنى عليه، وان كان مدرك بقاء الحكم في عمود الزمان هو الاستصحاب، وذلك: فان النصوص الصادرة عن المعصومين (ع) بما انما متضمنة للأحكام الثابتة في الاسلام من أول ظهوره إلى الأبد وهي كاشفات عنها، فالروايات الصادرة عنهم بمنزلة الصادرة عن شخص واحد، فالمتقدم والمتأخر منها بمنزلة المقارن - وبعبارة أخرى - ان التقدم والتأخر انما هو في الكاشف، واما المنكشف فلا تقدم ولا تأخر فيه وهو المعيار، وقد تقدم ان تقدم الخاص على العام انما هو بالورود ولا يصلح العام لان يكون ناسخا عن الخاص، فلو صدر من النبي (ص) خاص، ومن الإمام الصادق (ع) عام يفرض انهما صدرا من شخص واحد في مجلس واحد، ويبنى على تخصيص العام بالخاص، لا ناسخية العام للخاص، نعم لو كان مفاد العام ثبوت الحكم من حين صدوره، لا من الأول، كان لما افاده المحقق الخراساني وجه، ولكنه عرفت انه بمراحل عن الواقع.
ثم إن الأقوال في الخصوصيات الصادرة عن الأئمة عليهم السلام بالنسبة إلى الكتاب المجيد، ثلاثة، 1 - الالتزام بالنسخ 2 - الالتزام بالتخصيص، وان النبي صلى الله عليه وآله بينها من الأول، ولكنها خفيت على الناس إلى أن بينها الأئمة (ع) 3 - الالتزام بالتخصيص من حين صدورها.