ومنها: ما قيل إنه يمكن استظهاره من كلمات الشيخ الأعظم (ره) وهو ان اليقين من جهة كون حقيقته المرآتية والطريقية فكلما اخذ في الموضوع يكون ظاهره، إرادة المتيقن منه، مثلا، لو قال القائل كنت متيقنا أمس بعدالة زيد ظاهره إرادة أصل تحقق العدالة وعليه فقوله (ع) من كان على يقين وان كان ظاهرا في بادي الامر في كون اليقين في الزمان الماضي الا انما بملاحظة ما ذكرناه يكون ظاهرا في كون القيد للمتيقن لا اليقين فينطبق على الاستصحاب.
وفيه: ان الظهور المدعى يتم في العلم لا في اليقين: توضيحه ان كلا منهما والقطع عبارة عن الصورة الحاصلة من الشئ عند النفس، الا ان العلم يطلق باعتبار انكشاف الشئ في قبال الجهل، والقطع يطلق باعتبار الجزم القاطع للتردد والحيرة، واليقين يطلق باعتبار ان هذا الانكشاف له الثبات والدوام، بعد ما لم يكن بهذه المرتبة، ولعل السر في عدم اطلاق القاطع والمتيقن عليه تعالى انه يستحيل في حقه الحيرة وعدم ثبات الانكشاف، ويطلق عليه العالم لانكشاف الأشياء لديه، وعلى هذا لو اخذ العلم في المتعلق يكون ظاهرا في الطريقية والمرآتية، وليس كذلك اليقين.
ولكن الظاهر أن نظر الشيخ الأعظم (ره) إلى أن منشأ اختصاص الرواية بالقاعدة، أمران، أحدهما ظهور الكلام بقرينة كلمة (ف) في تأخر الشك عن اليقين، ثانيهما: ظهوره من ناحية حذف المتعلق في وحدة متعلق اليقين والشك: فان هذين الامرين انما يكونان في القاعدة دون الاستصحاب.
ويمكن ان يقال ان ذكر الكلمتين في الرواية ليس من جهة دخل ذلك في الحكم بل لعله من جهة الغلبة حيث إن الغالب في موارد الاستصحاب تقدم اليقين على الشك، واما وحدة المتعلقين فهي تبتنى على أن يكون زمان الماضي قيدا للمتيقن فإنه حينئذ يكون المشكوك فيه نفس ما كان متيقنا وأما إذا كان قيدا لليقين كما هو الظاهر، فالمتيقن شئ عار عن قيد الزمان فينطبق على الاستصحاب.
ويرد على ما ذكر أولا: ان ظاهر اخذ كل عنوان في الحكم، دخله فيه وحمله على الغالب خلاف الظاهر لا يصار إليه بلا قرينة.