الثانية، ثم قال إن ارجاع إحدى الطائفتين إلى الأخرى بحسب المفاد، وارجاعهما إلى ما يعمهما أو ما يعم القاعدتين من كل منهما لا يخلو من تكلف وتعسف بلا وجه موجب له أصلا.
وفيه: ان مضمون الموثق متحد مع مضمون الصحيحين، والكبرى المجعولة في الجميع شئ واحد - وهو - عدم الاعتناء بالشك في الشئ بعد مضيه والخروج عنه، فالمجعول قاعدة واحدة، وهي قاعدة التجاوز عن الشئ المتحقق بالتجاوز عن محله سواء أكان ذلك بعد الفراغ عن العمل أو قبله.
فان قلت، ان موثق ابن أبي يعفور المتقدم (إذا شككت في شئ من الوضوء ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ (1) يدل على أن عدم الاعتناء بالشك مختص بخصوص الفراغ عن العمل: إذ الضمير في - غيره - يرجع إلى الوضوء لا إلى الشئ:
للاجماع والنصوص الدالة على عدم جريان القاعدة في الوضوء إذا كان الشك في الأثناء.
قلت، أولا: انه قد دلت النصوص على جريان القاعدة وان كان الشك في الأثناء لاحظ النصوص الواردة في باب الصلاة (2) وثانيا: ان الظاهر من الموثق رجوع الضمير إلى الشئ لا إلى الوضوء، لأنه متبوع، وجهة التابعية أولى بالملاحظة، ومجرد العلم الخارجي بعدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء، إذا كان الشك في الأثناء لا يصلح قرينة لصرف هذا الظهور غاية الامر صيرورته معارضا مع ما دل على عدم الجريان.
وأفاد الأستاذ الأعظم في وجه ما اختاره من تعدد القاعدتين: بان الروايات المطلقة غير المصدرة بالأمثلة الخاصة كموثق محمد بن مسلم المتقدم كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو، وغيره لا تنطبق الا على مورد قاعدة الفراغ ضرورة ان الشئ لم يمض بعد في مورد قاعدة التجاوز وانما هو محتمل المضي واسناد المضي والتجاوز إليه باعتبار مضى محله خلاف الظاهر لا يصار إليه الا بدليل فلا دليل على كون المجعول في