بناء العقلاء على تحقق المشكوك فيه انما هو من جهة الطريقية والكاشفية، لا ادعى انه لا يعقل البناء من العقلاء الا من جهة الكاشفية: فان ذلك فاسد كما سيأتي تحقيقه في قاعدة اليد: بل ادعى ان الظاهر أن هذا البناء انما هو للطريقية والكاشفية نظير البناء على العمل بخبر الثقة: إذ ليس شئ آخر يصلح ان يكون ملاكا لهذا البناء.
مضافا إلى دلالة بعض النصوص عليه مثل قوله (ع) في صحيح محمد بن مسلم، وكان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك (1) وقوله (ع) في موثق بكير هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك (2) وقوله (ع) في صحيح الفضيل فيمن شك في الركوع بعد الانتصاب بلى قد ركعت فامض في صلاتك (3) وقوله (ع) في مصحح عبد الرحمن في رجل أهوى إلى السجود ولم يدر ركع أم لم يركع، قد ركع (4) فان الاخبار عن تحقق الركوع ظاهر في الا مارية.
وقد يقال كما عن المحقق العراقي ان المستفاد من الاخبار المأخوذ في موضوعها الشك كقوله (ع) إذ خرجت من شئ ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ، خلاف ذلك، بل هي تدل على الغاء جهة الكشف المزبور لظهورها في عدم جعل الشك الموجود مانعا عن المضي في العمل، لا في الغاء الشك وتتميم كشفها، ثم قال فما ورد من التعليل بالأذكرية في بعض النصوص حينئذ محمول على بيان حكمة التشريع والجعل لمكان أظهرية تلك النصوص.
وفيه: أولا: فرق بين ترتيب الأثر والحكم على الشك كما في الأصل وبين الحكم بعدم الاعتناء بالشك بقوله فشكك ليس بشئ، وما يدل على الغاء جهة الكشف هو الأول والموجود في الاخبار هو الثاني، بل يمكن ان يقال ان قوله فشكك ليس بشئ، انما ينفى الشيئية والشكية عن الشك وهذا عين جعل الامارة.
وثانيا: ان ظهور ما في بعض النصوص المتضمن للتعليل بالأذكرية أقوى من ظهور