تلك الروايات شاملا لمورد كلتا القاعدتين - ولكن صحيح زرارة - وصحيح إسماعيل المتقدمين دلانا على عدم الاعتناء بالشك في الشئ في مورد الشك في مضى محل الشئ أيضا: لان الإمام (ع) بين هذا الحكم الكلى بعد حكمه في صدر الخبرين بعدم الاعتناء بالشك في وجود الاجزاء، وهو قرينة على عدم إرادة التجاوز والخروج عن نفس الشئ فيهما بل أسند إليه باعتبار مضى محله، وقيام القرينة على إرادة خلاف الظاهر في هذه الطائفة، لا يوجب رفع اليد عن ظهور الطائفة الأولى فتفرق القاعدتان، وتكون إحداهما في مورد الشك في الوجود، والأخرى في مورد الشك في الصحة.
وفيه: انه دام ظله اعترف في البحث عن امكان وحدة القاعدتين، بان المشكوك فيه في مورد قاعدة الفراغ أيضا وجود الشئ إذ لا معنى للشك في الصحة غير الشك في استجماع المأتى به للقيود المعتبرة وعدمه، وحيث إن المضي انما هو باعتبار المشكوك فيه واسند إليه، فلا محالة يكون المراد منه هو مضى محله، لا نفسه: لفرض الشك في وجوده فهذه قرينة قطعية على اسناد المضي إليه باعتبار مضى محله. فالمتحصل، ان قاعدة الفراغ والتجاوز قاعدة واحدة بحسب النصوص.
واما الجهة الثانية: فقد ظهر مما ذكرناه، رجوع قاعدة الفراغ إلى قاعدة التجاوز وأفاد المحقق النائيني (ره) في وجه رجوع الثانية إلى الأولى، بعد بنائه على أمرين، أحدهما:
ان لفظ الشئ في الاخبار، كقوله (ع) انما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه، لا يمكن ان يعم الكل والجزء في مرتبة واحدة بلحاظ واحد على ما مر في البحث عن عدم امكان كونهما قاعدة واحدة ثبوتا، ثانيهما: ان الظاهر من الاخبار كون المجعول قاعدة واحدة، وان الظاهر أن الملحوظ هو المركب من حيث هو، انه لو لم يكن في الاخبار صحيح زرارة، وخبر إسماعيل، لقلنا بان المجعول هو عدم الاعتناء بالشك في خصوص مورد قاعدة الفراغ ولكن بملاحظة ورودهما يعلم أن الشارع الأقدس نزل الشك في الجزء في خصوص باب الصلاة، منزلة الشك في الكل فيكون للشئ المأخوذ موضوعا في الاخبار - فردان - أحدهما وجداني تكويني، والاخر تعبدي تنزيلي وعليه فلا قاعدة سوى قاعدة الفراغ وانما تجرى قاعدة التجاوز في خصوص باب الصلاة تنزيلا لها منزلة قاعدة