وثانيا: بالحل، وهو ان المتعبد به في الدليل ليس الا تحقق ما شك فيه وقد مضى وتجاوز المكلف عنه، وكون مصداق ذلك، تارة أصلا الوجود، وأخرى وصف الصحة، لا يوجب تعدد المتعبد به بل هذا الاختلاف انما هو من جهة اختلاف متعلق الشك خارجا، وحيث إن الاطلاق عبارة عن رفض القيود لا الجمع بين القيود فلا يعتبر في المتعبد به شئ من الخصوصيتين بل هو الجامع بينهما، ولم يلاحظ فيه مفروغية الوجود ولا عدم مفروغيته ويكون ذلك باعتبار خصوصية الموارد.
مع أن المراد بالصحة ليس هو ترتب الأثر، ولا هذا الوصف الانتزاعي، بل المراد بها استجماع العمل للاجزاء والشرائط وعليه فالشك في موارد الشك في الصحة بعينه الشك في وجود العمل بتمامه - وبعبارة أخرى - هو بعينه الشك في تحقق امر وجودي أو عدمي اعتبر في المأمور به، والا فلا معنى للشك في الصحة والفساد، فلو شك في صحة الصلاة التي اتى بها، من جهة احتمال ترك الركوع مثلا، أو عدم اقترانها بالطهارة فالشك في الحقيقة متعلق بوجود ذلك الركن أو الاقتران المزبور، ففي الحقيقة ترجع قاعدة الفراغ في جميع مواردها إلى قاعدة التجاوز والمشكوك فيه دائما انما هو وجود الشئ.
فان قلت إن لازم ذلك أن لو شك في صحة الصلاة من جهة الشك في الاقتران بالطهارة هو الحكم بتحقق الطهارة لأنها المتعبد بها على هذا الوجه فلا يحتاج إلى تجديد الطهارة للصلوات الآتية وقد مر عدم التزام الأصحاب بذلك.
قلت: ان المشكوك فيه المتعبد بتحققه ليس هو وجود الطهارة حتى يكون التعبد به كافيا للأعمال اللاحقة أيضا، بل اقتران الصلاة بها وبديهي انه لا يترتب على الحكم بالاقتران المزبور تحقق الطهارة الا على القول بحجيتها في المثبتات، وان شئت قلت إن الطهارة المستمرة إلى حصول الرافع، الشرط منها لصلاة الظهر هي الحصة التوأمة المقارنة لها، والشرط لصلاة العصر الحصة الأخرى منها لا تلك الحصة، وحيث إن الحصة الأولى تجاوز المكلف عنها دون الثانية فيحكم بتحقق الأولى دون الثانية، والحصتان وان كانتا متلازمتين وجودا الا ان التعبد بأحدهما لا يكفي لاثبات الأخرى الا على القول بالمثبت.
وبذلك ظهر الجواب عن وجهين آخرين لعدم الاتحاد: أحدهما ان ظاهر الشك في الشئ هو تعلق الشك بالوجود وإرادة الشك في الصحة من الشك في الشئ