المحرز، وان تقديمه عليها، للورود، أو الحكومة، أو التخصيص حيث إن فيه وجوها وأقوالا.
وتنقيح القول، بالبحث أولا، في وجه تقديمه على الأصول العقلية، ثم في وجه تقديمه على الأصول العملية الشرعية.
اما تقديمه على الأصول العقلية فوجهه الورود، لان موضوعاتها اللابيان والتحير، وعدم وجود المؤمن عن احتمال العقاب، والاستصحاب بعد ورود الدليل على حجيته بيان شرعي، ومؤمن، ورافع للتحير.
واما تقدمه على الأصل الشرعي كالبرائة الشرعية الثابتة بمثل قوله (ع) كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى - فقد استدل له بوجوه.
الأول: ما افاده الشيخ الأعظم (ره)، وحاصله، ان دليل الاستصحاب يوجب تعميم النهى السابق المعلوم بالإضافة إلى زمان الشك، وحيث إن الرخصة تكون مغياة بورود النهى، ودليل الاستصحاب، موجب لتعميمه ودوامه، فيكون حاكما عليه، - وبعبارة أخرى - مجموع الدليلين يدلان على أن كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى، وكل نهى وارد في زمان، فهو باق في زمان احتمال بقائه، فتكون الرخصة في الشئ واطلاقه مغياة بورود النهى المحكوم عليه بالدوام، فيكون مفاد الاستصحاب نفى ما يقتضيه الأصل الآخر، في مورد الشك، لولا النهى وهذا معنى الحكومة.
وفيه: ان دلالة مثل قوله (ع) كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى تتوقف على إرادة الوصول من الورود كما مر في محله، وعليه فمعنى الحديث ان ما لم يعلم حرمته فهو مرخص فيه وبواسطة الاستصحاب لا يعلم بالحرمة، لعدم كونه حاكيا عن عموم التحريم بحسب الواقع وانما مفاده كون حكم الشك من سنخ ما كان موجودا في السابق، وهو التحريم مثلا، فيعارض مع دليل البراءة الدال على أن ما لم يعلم حرمته الواقعية حكمه الترخيص.
فان قيل إن مورد البراءة، ما لم يعلم حكمه الواقعي والظاهري، فلو علم حكمه الظاهري بالاستصحاب لا يبقى له مورد.