لموضوع دليل الآخر وجدانا وحقيقة، كما في الامارات بالإضافة إلى البراءة العقلية، فان موضوعها اللابيان، وهذا يرتفع حقيقة بالتعبد بامارة جارية في موردها.
ثانيها: الحكومة وهي عبارة عن كون أحد الدليلين ناظرا إلى الآخر أو صالحا لذلك، اما بالتصرف في موضوعه سعة، كقوله (ع) الفقاع خمرة استصغرها الناس، أو ضيقا، كما في قوله لا شك لكثير الشك، أو بالتصرف في محموله بان بلونه بلون ويدل على ثبوت الحكم في بعض الحالات والموارد، أو بالتصرف في متعلقه سعة كقولنا الضيافة من الاكرام، أو ضيقا.
ثالثها: التخصيص، وهو عبارة عن اخراج بعض افراد العام عن تحت الحكم من دون ان يتصرف في عقد الوضع أو عقد الحمل.
رابعها: التخصص وهو ما إذا كان خروج المورد عن تحت دليل الآخر ذاتيا كخروج الجاهل عن عموم أكرم العلماء.
خامسها: التوفيق العرفي، وسيأتي بيانه كبيان وجه تقدم دليل الحاكم والوارد في أول مبحث التعادل والترجيح انشاء الله تعالى.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم أنه قد استدل على أن تقدم الامارة على الاستصحاب يكون بالورود بوجوه.
الأول: ما افاده المحقق الخراساني في الكفاية، والتعليقة، وحاصله على ما في التعليقة، ان الشك وان كان باقيا بعد قيام الامارة، لكنه ليس افراد العام هيهنا أي الاستصحاب هو افراد الشك واليقين، بل افراد نقض اليقين بالشك، وهو المتعلق للنهي، والدليل المعتبر، وان لم يكن مزيلا للشك، الا انه يكون موجبا لئلا يكون النقض بالشك، بل بالدليل، ثم أورد على نفسه بان مقتضى قوله (ع) لكن تنقضه بيقين آخر، هو النهى عن النقض بغير اليقين، والدليل المعتبر غير موجب لليقين مطلقا، وأجاب عنه بان الدليل موجب لليقين، لا محالة، غاية الامر لا بالعناوين الأولية للأشياء بل بعناوينها الطارئة الثانوية مثل كونه قام على وجوبه خبر العدل أو قامت البينة على ملكيته إلى غير ذلك من العناوين الانتزاعية.