الطهارة من جهة خروج المذي، كان الاستصحاب جاريا حتى على هذا المسلك، كما أنه في الموضوعات إذا شك فيها لأجل نقصها مما كانت عليه كالكر المأخوذ منه مقدار من الماء، لا يجرى الاستصحاب على ذلك.
واما الثالث: فلامكان الجواب عنه بان للعرف نظرين، أحدهما بما هو من أهل فهم الكلام، ثانيهما بما ارتكز في ذهنه من المناسبات بين الاحكام والموضوعات، على خلاف ما هو متفاهم الكلام، ما لم يكن بحد يعد من القرائن الحافة بالكلام الموجبة لصرف الظهور - مثلا - إذا ورد ان الماء المتغير نجس فأهل العرف بالنظر البدوي يرون ان الموضوع هو الماء بوصف التغير فلو زال تغيره وشك في بقاء النجاسة للماء، تكون القضية المشكوك فيها غير القضية المتيقنة موضوعا، ولكنه بالنظر الثانوي بعد ملاحظة مناسبة الحكم والموضوع يرون ان الموضوع هو ذات الماء لما ارتكز في أذهانهم، من أن النجاسة من عوارض الماء لا هو مع التغير، وعلى هذا فمنشأ الشك في نجاسة الماء بعد زوال التغير هو احتمال ان يكون التغير واسطة في ثبوت النجاسة للماء حدوثا وبقاءا.
فالمتحصل ان المراد من اعتبار الاتحاد بحسب الدليل المثبت للحكم، ليس هو الظهور التصوري ولا الظهور التصديقي البدوي الزائل بعد ملاحظة المناسبة المذكورة كما اختاره المحقق النائيني (ره).
كما ظهر ان المراد من اعتبارا لاتحاد بلحاظ الموضوع العرفي، ليس هو التسامح في صدق الاتحاد، والنقض والبقاء مع الموضوع الدليلي، حتى يقال ان المسامحات العرفية تضرب على الجدار، بل المراد هو اتحاد موضوع القضية المشكوك فيها، مع موضوع القضية المتيقنة، الذي يراه العرف موضوعا بحسب المناسبات المذكورة، فالاتحاد حقيقي على كل حال.
واما المورد الثاني: فالنسبة بين نظر العقل وغيره واضح، واما النسبة بين نظر العرف ولسان الدليل فعموم من وجه: لأنه قد يكون الموضوع باقيا بنظرهما، كما إذا ورد الماء إذا تغير ينجس، فتغير ماء ثم زال تغيره من قبل نفسه، فإنه يشك في بقاء النجاسة، والموضوع باق بالنظرين، وقد يكون الموضوع باقيا بحسب لسان الدليل دون نظر العرف