وبه يظهر ان ما مثلوا به لمورد الاستصحاب التعليقي، بما إذا غلى ماء الزبيب، في غير محله: إذ موضوع الحرمة ليس هو العنب بل الموضوع هو العصير العنبي وهو الماء المتكون في العنب إذا اخرج منه بالعصر، ومن المعلوم ان العنب إذا جف، وصار زبيبا، وأريق ماء خارجي عليه، وصار حلوا بمجاورته إياه، يكون المشكوك فيه، غير المتيقن، - وبعبارة أخرى - ان الموضوع ليس هو العنب كي يقال انه متحد مع الزبيب فيجرى فيه الاستصحاب، بل الموضوع هو العصير العنبي، وهو غير الماء الخارجي الذي صار حلوا بمجاورة الزبيب.
الثانية: ان الشك في بقاء الحكم، تارة يكون شكا في بقاء الحكم الكلى المجعول ومنشأ الشك فيه ليس الا احتمال النسخ، وأخرى يكون شكا في بقاء الحكم الجزئي، لأجل احتمال تبدل الموضوع الخارجي، ويعبر عنه بالشبهة الموضوعية، وثالثة يكون الشك فيه من ناحية الشك في سعة الموضوع وضيقه في مقام الجعل، كما في الشك في جواز وطء المرأة بعد الطهر من الحيض، وقبل الاغتسال، ومورد البحث هو الأخير.
إذا عرفت هذين الامرين، فيقع البحث فيما استدل به لعدم الجريان، ولجريانه، اما الأول فنذكر تلك الوجوه في ضمن الايرادات على ما استدل به للجريان، واما الثاني فقد استدل له بوجوه، وقد ذكر الشيخ الأعظم منها وجهين.
أحدهما: ما ذكره المحقق الخراساني أيضا، وحاصله، انه لا يعتبر في جريان الاستصحاب الوجودي سوى كون المستصحب شاغلا لصفحة الوجود من دون اعتبار شئ زايدا عليه، واما كونه موجودا بنحو خاص فلا يعتبر، ومن المعلوم ان تحقق كل شئ بحسبه، والمعلق قبل ما علق عليه، لا يكون موجودا فعلا، لا انه لا يكون موجودا أصلا ولو بنحو التعليق كيف، والمفروض انه مورد فعلا للخطاب، فكان على يقين من ثبوته قبل طرو الحالة فيشك فيه بعده.
وأورد عليه بايرادات: منها: انه يعتبر في جريان الاستصحاب في الاحكام ترتب اثر عملي عليه والحكم المعلق لا اثر عملي له.
وفيه: ان المعتبر ترتب الأثر حين اجراء الأصل لا حين اليقين، والفرض وجوده.