سيلان الدم من جهة احتمال ما يوجب المنع عن الجريان أو السيلان بعد العلم بمقدار اقتضاء عروق الأرض، أو باطن الرحم لجريان الماء وسيلان الدم، وبين ما إذا كان الشك في بقائه ناشئا عن الشك في مقدار اقتضائه، للبقاء، كما إذا شك في مقدار الداعي المنقدح في النفس إلى الحركة أو التكلم، أو شك في مقدار اقتضاء عروض الأرض لنبع الماء، أو باطن الرحم لسيلان الدم، مع العلم بعدم عروض المانع، وما إذا كان الشك في البقاء ناشئا عن احتمال قيام مقتض آخر مقام المقتضى الأول عند ارتفاعه، كما إذا شك في بقاء التكلم من جهة احتمال حدوث داع آخر إليه غير الداعي الأول مع العلم بارتفاع ذلك الداعي، كما عن المحقق النائيني (ره) حيث اختار (قده) جريان الاستصحاب في الصورة الأولى، وعدم جريانه في الصورتين الأخيرتين.
واستدل للأول بان الشك في بقاء الامر التدريجي في الحقيقة يرجع إلى الشك في وجود جزء آخر غير ما تيقن به، فما هو المتيقن غير المشكوك فيه.
والجواب عنه ما مر من وحدة الامر التدريجي، وان الاتصال يساوق الوحدة حقيقة ولا أقل عرفا، غاية الامر ربما يكون الأشياء المتعددة حقيقة واحدة اعتبارا كما أن الواحد الحقيقي قد يصير متعددا اعتبارا، وعلى أي حال الاشكال المزبور مندفع بما مر مفصلا. واستدل للأخير: لجريانه في الصورة الأولى بما ذكرناه، ولعدم جريانه في الصورة الثانية: بأنه من قبيل الاستصحاب الجاري في مورد الشك في المقتضى، ولعدم جريانه في الصورة الثالثة: بان وحدة الامر التدريجي وتعدده كالتكلم والحركة، انما هي بوحدة الداعي وتعدده، أو وحدة مقتضيه وتعدده فالشك في حدوث الداعي الآخر عند ارتفاع الداعي الأول، يرجع إلى الشك في حدوث فرد آخر عند ارتفاع الفرد الأول، فيكون من صغريات القسم الثالث من استصحاب الكلى فلا يجرى.
أقول: اما ما افاده في الصورة الأولى فهو متين.
واما ما افاده في الصورة الثانية، فيرده ما تقدم من حجية الاستصحاب في موارد الشك في المقتضى.