واما ما افاده في الصورة الثالثة، فيرده ما مر من أن وحدة الشئ لا تدور مدار وحدة داعيه ومقتضيه، بل مدار الوحدة على الاتصال أو الاعتبار، فالحركة المتصلة من المبدأ إلى المنتهى واحدة، وان تجدد الداعي في الأثناء، وكذا الخطبة الواحدة، كما أنه لو انقطعت الحركة أو الخطبة في الأثناء ثم شرع فيها، تصير متعددة لا محالة، وان كان الداعي إليها واحدا.
فالمتحصل جريان الاستصحاب مطلقا، وما قيل من أنه إذا شك في حدوث داع آخر، يكون منشأ الشك في البقاء الشك في حدوث الداعي، فالاستصحاب الجاري في عدم حدوثه حاكم على هذا الاستصحاب، يندفع: بأنه من جهة عدم كون السببية شرعية لا يكون الأصل الجاري في السبب حاكما على الأصل الجاري في المسبب.
ثم إن صاحب الكفاية قال إن استصحاب بقاء الامر التدريجي، اما ان يكون من قبيل استصحاب الشخص، أو من قبيل استصحاب الكلى باقسامه، فإذا شك في أن السورة المعلومة التي شرع فيها تمت أو بقى منها شئ، صح فيه استصحاب الشخص والكلي، وإذا شك فيه من جهة ترددها بين القصيرة والطويلة كان من القسم الثاني، وإذا شك في أنه شرع في أخرى، مع القطع بأنه قد تمت الأولى كان من القسم الثالث انتهى.
وفيه: ان كل سورة إذا لوحظت مستقلة تكون شيئا واحدا، ولكن القراءة أيضا شئ واحد، فإذا ترتب الأثر على القراءة يستصحب بقائها، ولو كان الشك من جهة الشك في الشروع في الثانية، ولا يكون من قبيل القسم الثالث نعم، لو كان الأثر مترتبا على نفس السورة كان الامر كما ذكر.
والمحقق النائيني (ره) أفاد في تقريب جريان الأقسام فيها: بأنه إذا شك في أن الداعي للقرائة المعين المعلوم، هل تم أو بعد باق صح فيه استصحاب الشخص والكلي، وإذا شك في أن الداعي كان قصيرا أو طويلا كان من القسم الثاني، وإذا شك في أنه هل انقدح داع آخر مع العلم بتمامية الداعي الأول، كان من القسم الثالث، ثم إن القسم الثالث قد مر عدم جريان الاستصحاب فيه، وكذلك القسم الثاني في المقام من جهة ان الشك فيه دائما يكون من قبيل الشك في المقتضى، لأنه يشك في أن داعيه على القراءة مثلا كان على قرائة سورة أو سورتين، فبالنسبة إلى السورة الثانية الداعي والمقتضى غير محرز