وأما ان كان الأثر للوجود بمفاد كان الناقصة، كما إذا فرض ان الإرث مترتب على كون موت المورث متصفا بالتقدم على موت الوارث، فاختار صاحب الكفاية (قده) عدم جريان الاستصحاب فيه، لعدم كون الوجود بمفاد كان الناقصة متعلقا لليقين والشك، فإنه لم يكن لنا علم باتصاف أحدهما بالسبق على الآخر ولا بعدم اتصافه به حتى يكون موردا للاستصحاب. وهذا الكلام مخالف لما ذكره في بحث العام والخاص:
من أنه إذا ورد عموم بان النساء تحيض إلى خمسين عاما إلا القرشية، وشككنا في كون امرأة قرشية، فلا يصح التمسك بالعموم المذكور،، لكون الشبهة مصداقية، إلا أنه لا مانع من ادخالها في العموم للاستصحاب، فنقول: الأصل عدم اتصافها بالقرشية، لأنها لم تتصف بهذه الصفة حين لم تكن موجودة، ونشك في اتصافها بها الآن. والأصل عدم اتصافها بها. هذا ملخص كلامه في مبحث العام والخاص وهو الصحيح على ما شيدناه في ذلك المبحث، خلافا للمحقق النائيني (ره) فلا مانع من جريان الاستصحاب في المقام.
فنقول: الأصل عدم اتصاف هذا الحادث بالتقدم على الحادث الآخر، لأنه لم يتصف بالتقدم حين لم يكن موجودا، فالآن كما كان، ولا يعتبر في استصحاب عدم الاتصاف بالسبق وجوده في زمان مع عدم الاتصاف به، بل يكفي عدم اتصافه به حين لم يكن موجودا، فان اتصافه به يحتاج إلى وجوده. واما عدم اتصافه به، فلا يحتاج إلى وجوده، بل يكفيه عدم وجوده، فان ثبوت شئ لشئ وان كان فرع ثبوت المثبت له، إلا ان نفي شئ عن شئ لا يحتاج إلى وجود المنفي عنه. وهذا معنى قولهم: ان القضية السالبة لا تحتاج إلى وجود الموضوع.
فتحصل مما ذكرناه جريان الاستصحاب في هذا القسم أيضا. ويجري فيه ما ذكرناه في القسم الأول: من عدم المعارضة إلا مع العلم الاجمالي، فلا حاجة إلى الإعادة.