أولاهما: إذا جاء فاسق بنبأ، وكان النبأ صادقا بحسب الواقع، فهل يتنجز التكليف، أم لا؟
وجهان، إلا أن قضية الآية تنجزه، للأمر بالتبين على إطلاقه، فإنه ظاهر في أن الإصابة تورث تنجز المنجز به، فلا يجوز عقلا الإخلال بالتبين.
نعم، إذا تبين ولم يتضح صدقه، أو تبين كذبه، فلا يتنجز ولو كان صادقا بحسب الواقع.
فعلى هذا، يكون الأمر بالتبين، أمرا عقليا مترشحا من تنجز الواقع في صورة مجئ الفاسق بالخبر، ولا يكون نفسيا، ولا شرطيا، ولا مقدميا، بل هو أمر عقلي ناشئ عن تبعات الحكم المنجز بخبر الفاسق، نظرا إلى إطلاق الأمر بالتبين.
ثانيتهما: أن القضايا الشرطية التي تكون محققة للموضوع ولا مفهوم لها، كلها في مورد يكون الجزاء مرتبطا بالشرط، وإلا فإذا قيل: " إن رزقت ولدا فصل ركعتين " يكون له المفهوم، ولا يكون من تلك القضايا.
وفيما نحن فيه إذا كان مفاد الجزاء تنجز التكليف واقعا، أي إن جاءكم فاسق بنبأ يكون مضمون خبر الفاسق منجزا، فمفهومه " إن لم يجئكم فاسق بنبأ، فلا يتنجز تكليفكم " وهذا واضح البطلان بالضرورة، لتنجزه في مورد خبر العادل قطعا، وعليه يلزم أن يكون مفهوم الآية، دليلا على عدم حجية خبر العادل، لأنه القدر المتيقن من المفهوم الذي له مصداقان:
مصداق من السالبة بانتفاء الموضوع، وهو خارج.
ومصداق من السالبة بانتفاء المحمول، وهو مورد المفهوم.
فعليه لا بد من أحد أمرين: إما إنكار المفهوم لها، أو دعوى دلالته على عدم حجية خبر العدل، وهو ضد المقصود.