المفهوم، وإذا تحقق موضوع القضية الشرطية المنطوق بها، يتنجز الحكم، وهكذا في ناحية المفهوم.
وإذا ورد: * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا...) * (1) فهو قضية صحيحة نافذة ولو لم يكن في العالم فاسق، ولا نبأ، وإذا قيل: " إن لم يجئ إليكم الفاسق بنبأ... " فالأمر كذلك.
ففي مرحلة جعل القضايا الشرطية القانونية، ليس النظر إلى وجود الشرط في ناحية المنطوق، ولا المفهوم، بل النظر إلى بيان الملازمة بين الحكمين في الناحيتين حكما إيجابيا، وسلبيا.
إذا توجهت إلى ذلك، فليلتفت إلى أمر آخر: وهو أنه كما يكون في ناحية المنطوق وجود العالم والنبأ مفروضا، لا واقعيا، لأن الواقعيات خارجة عن محيط التقنين، كذلك الأمر في ناحية المفهوم، فيكون النبأ مفروضا، وعدم مجئ الفاسق به أيضا مفروضا.
وبالجملة: ما هو المفروض عدم مجئ الفاسق بالنبأ المفروض الوجود، ولازم ذلك - مضافا إلى حل المشكلة - هو أن في موارد الشك في أن النبأ هل جاء به الفاسق، أم العادل وغير الفاسق، يستصحب عدم مجئ الفاسق به، ويكون النبأ محرزا بالوجدان، كما هو مفروض الوجود في القوانين العامة.
ولعمري، إن هذا التقريب خال من المناقشة الثبوتية، ولا يحتاج إلى إثبات الإطلاق الشامل للصورتين.
نعم، ربما يستظهر من الآية: أن قوله تعالى * (بنبأ) * من متعلقات الفعل المضاف إلى الفاسق، فيكون مفروض العدم عند فرض عدم مجيئه.
ويمكن المناقشة في الاستظهار المذكور بالتأمل في قولك: " وإن لم يجئك