فيه، كيف؟ ولو منع منه لا نسد باب الاستصحاب، إلا أن جريانه في الفرد ليس مبنيا على ما ذكره من اتحاد الكلي والفرد خارجا، بل الوجه فيه أن الأثر أثر لنفس الفرد لا للكلي، لان الاحكام وان كانت مجعولة على نحو القضايا الحقيقية، إلا أن الحكم فيها ثابت للأفراد لا محالة. غاية الامر أن الخصوصيات الفردية لا دخل لها في ثبوت الحكم، وإلا فالكلي بما هو لا حكم له، وإنما يؤخذ في موضوع الحكم ليشار - به إلى أفراده، مثلا إذا حكم بحرمة الخمر، فالحرام هو الخمر الخارجي لا الطبيعة الكلية بما هي.
وأما ما ذكره في المورد الثاني، فان كان مراده منه أن الاستصحاب يصح جريانه في الفرد من الامر الانتزاعي لترتيب اثر الكلي عليه، فيصح استصحاب ملكية زيد لمال لترتيب آثار الملكية الكلية من جواز التصرف له وعدم جواز تصرف الغير فيه بدون اذنه، فالكلام فيه هو الكلام في الامر الأول، مع أن هذا لا يكون فارقا بين الخارج المحمول والمحمول بالضميمة، فإذا شك في بقاء فرد من أفراد المحمول بالضميمة كعدالة زيد مثلا، فباستصحاب هذا الفرد تترتب آثار مطلق العدالة كجواز الاقتداء به ونحوه، فلا وجه للفرق بين الخارج المحمول والمحمول بالضميمة.
وإن كان مراده أن الاستصحاب يجري في منشأ الانتزاع ويترتب عليه أثر الامر الانتزاعي الذي يكون لازما له على فرض بقائه، فهذا من أوضح مصاديق الأصل المثبت، فإذا علمنا بوجود جسم في مكان، ثم علمنا بوجود جسم آخر في أسفل من المكان الأول، مع الشك في بقاء الجسم الأول في مكانه، لم يمكن ترتيب آثار فوقيته على الجسم الثاني باستصحاب وجوده في مكانه الأول، فإنه من أوضح أنحاء الأصل المثبت. وكذلك لا يمكن اثبات زوجية امرأة خاصة لزيد مع الشك في حياتها، وإن علم أنها على تقدير حياتها تزوجت به يقينا. نعم لو كان الامر الانتزاعي أثرا شرعيا