لزوم الاطلاع على صدق الخبر، فلو جاء فاسق بنبأ، وكان معلوم الصدق، فلا وجوب، لأن النتيجة حاصلة، فالأمر بالتبين أمر بالمقدمة الوجودية لحصول الشرط، وهو وضوح صدق الخبر.
وإن شئت قلت: إن إيضاح الخبر صدقا، واجب شرطي لجواز اتباعه، ويكون خبر الفاسق الواضح الصدق حجة.
فإذا كان النظر في المنطوق إلى حصول العلم والظهور صدقا، ففي ناحية المفهوم يشكل الأمر، لأن المقصود في ناحية المنطوق إذا كان العلم الشخصي بصدق خبر الفاسق، سواء كان من العلم المنطقي، أو كان علما عاديا، وهو الوثوق والاطمئنان، فإنه أيضا إيضاح ووضوح عرفا، وتبين لغة، فلا بد في ناحية المفهوم من كون النبأ الجائي به العادل، أيضا متبينا من ناحية كون المخبر عادلا، فلا يثبت به شئ، لأن المدعى حجية خبر العادل، وإثبات كونه من الظنون النوعية المعتبرة.
إن قلت: مقتضى المفهوم دعوى: أن خبر المخبر الفاسق واضح ومتبين، وأنه ظاهر في عالم الادعاء، سواء كان واضحا شخصيا، أم لم يكن.
قلت: هذا احتمال، وهنا احتمال اخر: وهو أن المتعارف بين العقلاء والناس، هو حصول الوثوق الشخصي من خبر العادل، دون خبر الفاسق، ففي ناحية المنطوق أوجب إيضاح صدقه، في قبال ما هو المتعارف في ناحية المفهوم وخبر العادل.
هذا مع أن الالتزام بلزوم الوضوح الشخصي في ناحية خبر الفاسق دون خبر العادل، غير موافق لمرام الكل، ضرورة أن خبر الفاسق القائمة على صدقه القرائن النوعية معتبر، فإذا فرضنا أن الآية مثلا، قائمة على إفادة شرط خاص في ناحية المنطوق وخبر الفاسق تعبدا، على خلاف البناء العقلائي، فلا منع من هذا التعبد في ناحية خبر العادل أيضا، إلا أن إفادة ذلك بالمنطوق، للإشعار إلى ما لا يكون حاصلا نوعا وعادة، وإفادة هذا بالمفهوم للإشعار إلى أنه أمر حاصل نوعا وعادة.