والذي هو التحقيق: أن تقسيم المكلفين إلى المقصودين بالإفهام، وغيرهم، غير صحيح، لما تحرر من قانونية الخطابات الإسلامية، فيكون الجميع مقصودين بالخطاب والإفهام، حاضرين كانوا، أو غائبين، معدومين كانوا، أو موجودين، وتفصيله يطلب من محله (1) فلو كان هذه القسمة أساس رأيه أو دخيلة في رأيه (رحمه الله) لكان فسادها كافيا في فساد مبناه.
وأما التقريب الذي أشرنا إليه: من أن تأريخ أسباب نزول القرآن، وأسباب صدور الأحاديث النبوية والأخبار والروايات، غير واضح، وغير متبين، فإن الاستظهارات والظهورات تختلف باختلافها، فهو كلام صحيح ومتين، إلا أنه لا يصل إلى أن يصح إنكار صلاحية الكلام الواصل إلينا للحجية، فإن سقوطه عن الصلاحية، مرهون بالوثوق والاطمئنان بوجود القرينة الحالية غير المذكورة المتصلة، أو القرينة المقالية المنفصلة غير الواصلة إلينا، وهذا أمر لا يمكن الإذعان له ولو علمنا إجمالا بذلك، فإن العلم الاجمالي في هذه الدائرة الكبيرة، لا يورث سقوط هذا الأصل العقلائي، وتفصيله في محله.
هذا مع أن القرينة الحالية الدخيلة في الحكم لو كانت موجودة، فلا بد للثقات الرواة من التذكير بها، وإلا تلزم خيانتهم. وأسباب النزول وإظلام تأريخ التنزيل ولو كان من المصائب التي لا يدفعها شئ، إلا أن كونه مضرا بحجية الظواهر الموجودة ممنوع، لأن اختلاف الآيات باختلاف الأسباب، ليس في جهة جوهرية.
مع أن خصوصية موارد النزول، لا توجب - حسب النوع بالنسبة إلى الموارد الموجودة بين أيدينا - انقلابا في الظهور، ولا تخصيصا بتلك الموارد.
فبالجملة: الصغرى والكبرى ممنوعتان:
أما الأولى: فلعدم وجود من لا يخص بالإفهام.