الحجية (1)، انتهى لب مرامه.
وأنت خبير: بأن المعضلة كانت ناشئة من أن إمضاء الطرق العقلائية، لا يعقل من العالم المتوجه إلى أطراف المسألة، والملتفت إلى خطئها، إلا في صورة التجاوز عن مقدار من واقعياته، وفي صورة الانصراف عن مقدار من أحكامه، ولازم ذلك عدم فعلية تلك الأحكام بالنسبة إلى موارد الخطأ، وهذا حتى لو لم يكن من تقييد الواقع بالإصابة، ولا من اشتراط الواقع بعدم الخطأ، ولكنه يلزم منه ذلك، فعلى هذا لا يمكن حفظ الفعلية والواقعيات، بالنسبة إلى الجاهلين المركبين القائم عندهم الطريق الخاطئ.
وبالجملة: جعل الحجية بعدم الردع الملازم للارتضاء، أو بالإمضاء، عين جعل الحجية التأسيسية لشئ من الأشياء، فإن في هذا الجعل ليست إرادة إلزامية وبعث إلزامي، ولا طلب، بل هي من الأحكام الوضعية التي أثرها التنجيز والتعذير، فإن أصابت الواقع فهي منجزة، وإن لم تصب فهي معذرة، فهي حجة على كل تقدير، ولا تكون حجيتها مقصورة بصورة الإصابة، كما هو الواضح.
ولكن حصول الرضا القلبي والارتضاء بذلك العمل الخارجي الرائج عند العقلاء مثلا مع التوجه المزبور، ينافي الإرادة الإلزامية، فإن الترخيص بذلك في صورة الخطأ، يستلزم الترخيص بترك الواقعيات، ولازمه انقلاب الواقعيات التحريمية والوجوبية إلى الكراهتية والندبية، فما في كلام الشيخ (قدس سره): من أن الرخصة في تركه شرعا في موارد الخطأ جائز (2)، غير صحيح.
ولعمري، إن القائلين بهذه المقالات في حل الغائلة، غير واصلين إلى مغزى المشكلة ولب الغائلة في الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية، فصرفوا أوقاتهم