الإصابة، ويترك الآخر، باحتمال عدم الإصابة، ولأجل الفتور والضعف، وعدم مساعدة الحال، وغير ذلك من الأمور الموجودة أحيانا في كثير من الناس، من غير إرادة الطغيان، والظلم، والعصيان، والخلاف، فلا بأس به، لما لا يكون مخالفة، فلا يعد عقلا مستحق العقاب، ولا أقل من قصور العقل عن درك ذلك.
فبالجملة: الشك في أنه مخالف أو قد خالف سيده، يوجب عند العقلاء الشك في الاستحقاق. ولو صح ما أشير إليه، للزم حتى في صورة الإتيان بالمأتي به المخالف للمأمور به الظاهري تفصيلا، المناقشة في الاستحقاق.
وإن شئت قلت: إن كان مبنى العقاب هي الجعل فالاستحقاق ممكن، وأما إذا كان مبنى العقاب على المسائل الاخر المحررة في محلها (1)، فيشكل، لأن العقاب من تبعات أن يرى العبد نفسه طاغيا وظالما لمولاه، ويصبح مخالفا له، ويدرك أنه قد خالف منعمه وواجبه، فإن هذه الادراكات تستتبع العقوبات، وأما ترك الواجب الواقعي، فلا عقوبة عليه في الشبهات البدوية قطعا، ومثله الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي، ولو كان العقاب من تبعات الواقع، لكان الاحتياط لازما في البدوية.
فمنه يتبين: أن ما اشتهر من " أن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية " غير تام على إطلاقه.
ونرجو من أهله أن يتدبروا حقه، ولا يسلوا سيوفهم، ولست أنا من المصدقين بهذه المقالة، بل أردت طرح البحث حتى يعلم وجه المناقشة، والله هو العاصم.
وللمسألة طور آخر من البحث والكلام، يطلب من مواقف اخر إن شاء الله تعالى، ويأتي جملة من البحث في البراءة إن شاء الله تعالى (2).