حكومة أدلة نفي العسر والحرج على ما يحكم به العقل من الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي أولا، ومن عدم وجوب التبعيض في الاحتياط على فرض تسليم الحكومة ثانيا.
وحاصل ما أفاده في وجه منع الحكومة: هو أن مفاد أدلة نفي الضرر والعسر والحرج إنما هو نفى الحكم بلسان نفى الموضوع، ومقتضى التوفيق بينها وبين أدلة الأحكام التكليفية والوضعية - المتعلقة بما يعم الضرر والعسر والحرج - هو تخصيص أدلة الأحكام بما عدا مورد الضرر والعسر والحرج وإن كانت النسبة بين آحاد أدلة الأحكام وأدلة نفيهما العموم من وجه، إلا أن التوفيق العرفي يقتضى تقديم أدلة نفيهما على أدلة الأحكام.
وليس وجه التقديم حكومة أدلة نفيهما عليها كما أفاده الشيخ (قدس سره) لأنه يعتبر في الحكومة أن يكون أحد الدليلين شارحا ومفسرا لما أريد من الآخر، وليس أدلة نفي الضرر والعسر والحرج شارحة لأدلة الأحكام، فلا حكومة بينهما، إلا أنه مع ذلك تقديم أدلة نفيهما على أدلة الأحكام، لما بينهما من الجمع العرفي بتخصيص أدلة الأحكام بغير موارد الضرر والعسر والحرج.
ولكن هذا فيما إذا كانت الأحكام بنفسها تستلزم الضرر والعسر، وفي المقام إنما يلزم العسر والحرج من حكم العقل بالاحتياط والجمع بين المحتملات في الوقايع المشتبهة لا من نفس الأحكام، فلا وجه لتقديم أدلة نفي العسر والحرج على الاحتياط العقلي، إلا إذا قلنا: إن مفاد أدلة نفي العسر والحرج نفى الحكم الذي ينشأ من قبله العسر والحرج وإن كان ذلك بضميمة حكم العقل، فتقدم أدلة نفيهما على حكم العقل بالاحتياط.
هذا حاصل ما أفاده في وجه منع تقديم أدلة نفي العسر والحرج على الاحتياط العقلي.
وأما ما أفاده من المنع عن التبعيض في الاحتياط على تقدير تسليم الحكومة: فلم يبين وجهه، ولعله مبنى على ما اختاره: من الملازمة بين حرمة