والمشكوكات والموهومات مع وجوب التعرض لها وعدم جواز إهمالها هو الذي أوجب العسر والحرج، فالعسر والحرج ينتهى بالأخرة إلى الأحكام الشرعية ولو لمكان الجهل بها وانتشارها في الوقايع المشتبهة.
والحاصل: أنه حيث وجب الاحتياط عقلا في جميع المظنونات والمشكوكات والموهومات رعاية للتكاليف المعلومة بالإجمال وكان الاحتياط في الجميع موجبا للعسر والحرج، فلو كانت التكاليف في الموهومات كان الحرج مستندا إليها، فلابد وأن تكون منفية بأدلة العسر والحرج، وكذا الحال في المشكوكات لو كان الاحتياط فيها مع المظنونات موجبا للعسر والحرج، فلا محيص عن التبعيض في الاحتياط بمقدار لا يوجب العسر والحرج لو كان المستند في عدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة ولزوم الاحتياط فيها هو العلم الإجمالي، ليكون الاحتياط في الأطراف عقليا.
فان قلت: ما الفرق بين الاحتياط العقلي والاحتياط الشرعي؟ حيث تقدم: أن أدلة نفي العسر والحرج لا تكون حاكمة على الاحتياط المنصوب شرعا طريقا إلى امتثال التكاليف في الوقايع المشتبهة إذا كان المستند في عدم جواز إهمالها هو الإجماع أو الخروج عن الدين.
قلت: الفرق بين الاحتياط العقلي الاحتياط الشرعي في غاية الوضوح، فان الاحتياط الشرعي من أول الأمر ورد على موضوع يوجب العسر والحرج دائما ليس له حالة لا توجب ذلك، نظير الأمر بالجهاد، فيكون الاحتياط الشرعي أخص مطلق من أدلة نفي العسر والحرج. والسر في ذلك: هو أن الوقايع المشتبهة لوحظت قضية واحدة مجتمعة الأطراف قد حكم عليها بالاحتياط، لأن الإجماع أو الخروج عن الدين إنما كان دليلا على عدم جواز إهمال مجموع الوقايع المشتبهة من حيث المجموع، لا على كل شبهة شبهة (1) فان