فان قلنا بعدم جواز الاحتياط والرجوع إلى البراءة في كل مسألة على حدة مع قطع النظر عن انضمام ساير المسائل إليها كانت النتيجة كلية من الجهات الثلاث موردا ومرتبة وسببا. وإن قلنا بعدم جواز الاحتياط والرجوع إلى البراءة في مجموع المسائل والوقايع المشتبهة كانت النتيجة مهملة، إما من الجهات الثلاث، وإما من بعض الجهات - كما سيأتي بيانه - ولابد من تعيينها عموما أو خصوصا من التماس معين آخر وراء مقدمات الانسداد.
وقد ذهب المحقق القمي (ره) إلى كلية النتيجة من الجهات الثلاث، لأن بنائه على بطلان الاحتياط في كل مسألة مسألة وعدم جواز الرجوع إلى البراءة كذلك. ويظهر ذلك أيضا عن المحكى عن صاحبي " المعالم " و " الزبدة ".
وقد أورد عليهم الشيخ (قدس سره) بما لفظه " لكنك قد عرفت مما سبق: أنه لا دليل على منع جريان البراءة وأصالة الاحتياط أو الاستصحاب المطابق لأحدهما في كل مورد من مواردها بالخصوص (1) إنما الممنوع جريانها في جميع المسائل، للزوم المخالفة القطعية الكثيرة، وللزوم الحرج من الاحتياط، وهذا المقدار لا يثبت الا وجوب العمل بالظن في الجملة، دون تعميمه بحسب الأسباب ولا بحسب الموارد ولا بحسب مرتبة الظن " انتهى.
وأنت خبير بما فيه، لأن بطلان الاحتياط في الوقايع المشتبهة لا ينحصر دليله بالعسر والحرج، حتى يقال: إن العسر والحرج إنما كان يلزم من الاحتياط في مجموع الوقايع لا في كل واقعة واقعة، بل لو انحصر دليله في ذلك