سيأتي (في مبحث البراءة) ما يظهر منه فساده هذه الدعوى.
فالتحقيق: ان الظن بالحكم لا يلازم الظن بالضرر.
والشيخ (قدس سره) بعد أن سلم الملازمة بين الظن بالحكم والظن بالضرر واعترف أن المفسدة من أفراد الضرر الذي يستقل العقل بقبح الإقدام على ما لا يؤمن من الوقوع فيه سلك مسلكا آخر في منع الصغرى.
وحاصل ما أفاده في وجه المنع هو: أن المفسدة المظنونة مما يقطع أو يظن بتداركها، والعقل لا يستقل بقبح الإقدام على المفسدة المظنونة مع القطع أو الظن بتداركها، بيان ذلك هو: أن أدلة الأصول الشرعية - من الاستصحاب والبرائة - في المورد الذي لم يثبت التكليف به، إما أن تكون مقطوعة الصدور عنهم (صلوات الله عليهم) كما هو ليس ببعيد وإما أن تكون مظنونة الصدور عنهم، وعلى كلا التقديرين: إما أن يقطع أو يظن بتدارك المفسدة المظنونة عند الظن بالتكليف مع عدم قيام الدليل على اعتبار الظن، فإنه إما يقطع بالبرائة الشرعية عن التكليف المظنون إن كانت أدلتها قطعية وإما أن يظن بها إن كانت أدلتها ظنية، ويلزمه القطع أو الظن بتدارك المفسدة المظنونة حتى لا يلزم ايقاع المكلف في الضرر والمفسدة الواقعية، فإنه مع عدم إحراز التكليف لابد للشارع: إما من ايجاب الاحتياط ليتحرز المكلف عن الوقوع في المفسدة وإما من تداركها، وحيث لا يجب الاحتياط عند الظن بالتكليف - إما علما وإما ظنا - فلا يظن بالمفسدة الغير المتداركة، بل يعلم أو يظن بالتدارك، والعقل لا يستقل بقبح الإقدام على المفسدة المتداركة.
هذا حاصل ما أفاده (قدس سره) في وجه المنع عن الصغرى إن كان المراد من " الضرر " فيها المفسدة لا العقاب.
وأنت خبير بما فيه، أما أولا: فلأن تدارك الضرر والمفسدة إنما يجب إذا كان الشارع أوقع المكلف في الضرر والمفسدة الواقعية، وذلك ينحصر بالتعبد بالأمارات في مورد انفتاح باب العلم وتمكن المكلف من الوصول إلى