ونصبه طريقا (1) فاسد، فان أدلة نفيهما إنما تكون حاكمة على أدلة الأحكام المجعولة في الشريعة، وليس من شأنها نفى جعل حكم في الشريعة أو إثباته ابتداء باعتبار وجود مناط الجعل وعدمه، فان بناء أدلة نفي العسر والحرج ليس مجرد الإخبار عن أن الشارع لم يشرع حكما يلزم منه العسر والحرج.
وبالجملة: لا إشكال في أن أدلة نفي العسر والحرج لا تنفى الأحكام التي يختص تشريعها بحال يلزم منه العسر والحرج، فلو كان مدرك عدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة هو الإجماع أو الخروج عن الدين الموجبان لنصب الشارع الاحتياط طريقا في حال انسداد باب العلم والعلمي كان اللازم وجوب الاحتياط وإن استلزم العسر الحرج، ولا تصل النوبة إلى حجية الظن أو التبعيض في الاحتياط.
وهذا بخلاف ما إذا كان المدرك لعدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة العلم الإجمالي، فإنه لا محيص عن التبعيض في الاحتياط بمقدار لا يلزم منه العسر والحرج. ولا موجب لسقوط الاحتياط رأسا في جميع الوقايع المشتبهة - كما قيل - فان الضرورات تتقدر بقدرها، فلو اضطر المكلف إلى الاقتحام في بعض أطراف العلم الإجمالي كان الاضطرار موجبا عقلا للترخيص فيما يدفع به