ومن ها يظهر: فساد ما أجاب به بعض الأعلام عن الإشكال المعروف في صحة عبادة الاجراء - وهو عدم تمشى قصد التقرب منهم مع أن المحرك والداعي لهم أخذ الأجرة - من أن لهم قصد امتثال الأمر الإجاري والتقرب به، فان الأمر الإجاري وإن كان توصليا إلا أنه يصح التقرب به خصوصا إذا تعلق بما يكون عبادة.
وجه الفساد: هو أن الأمر الإجاري وإن صح التقرب به كسائر الأوامر التوصلية، إلا أن قصد امتثال الأمر الإجاري لا يوجب صحة العبادة المستأجر عليها (1) فان المعتبر في صحة العبادة قصد أمر نفسها والأمر الإجاري لم يتعلق بذات العبادة ليكتسب العبادية من الأمر المتعلق بها، وقد استقصينا الكلام في ذلك بما لا مزيد عليه في " كتاب القضاء " وفي " المكاسب المحرمة " عند البحث عن أخذ الأجرة على الواجبات.
وعلى كل حال: فقد عرفت أن الأمر العبادي، إما أن يكون بنفسه عبادة - أي كان الغرض من الأمر التعبد به - وإما أن يكتسب العبادية من أمر آخر، والأوامر المتعلقة بالاحتياط فاقدة لكلتا الجهتين.
أما الجهة الأولى: فواضح، فان الأمر بالاحتياط إنما يكون توصليا ليس الغرض منه التعبد والتقرب به، وإلا يلزم بطلان الاحتياط في التوصليات، ولا سبيل إلى دعوى صيرورة الأمر بالاحتياط عباديا إذا كان الفعل المحتاط فيه عبادة، وتوصليا إذا كان الفعل المحتاط فيه غير عبادة، إلا على وجه يأتي بيانه مع فساده.
وأما الجهة الثانية: فلأن الأمر بالاحتياط لم يتعلق بذات العمل مرسلا عن قيد كونه محتمل الوجوب، بل التقييد بذلك مأخوذ في موضوع أوامر