في باب الطرق والأمارات أوضح من اقتضائه التعيين في باب التزاحم، كما أن اقتضائه التعيين في باب التزاحم أوضح من اقتضائه التعيين في باب التكاليف الابتدائية، فتأمل في أطراف ما ذكرناه جيدا. هذا تمام الكلام في دوران الأمر بين التعيين والتخيير.
وينبغي تتميم البحث بالتنبيه على أمرين:
الأمر الأول:
إن محل الكلام إلى الآن كان في ما يقتضيه الأصل العملي بالنسبة إلى ما يشك في كونه واجبا عينيا. وأما الطرف الآخر الذي يحتمل أن يكون عدلا لما تعلق الوجوب به، فالبحث عما يقتضيه الأصل بالنسبة إليه بعد البناء على أصالة التعيينية ساقط (1) إذ لا أثر للبحث عن جريان أصالة البراءة أو أصالة عدم وجوبه، فإنه بمقتضى أصالة الاشتغال يتعين على المكلف الإتيان بما علم تعلق الطلب به، والمفروض أنه لا يجب على المكلف إلا عمل واحد، وذلك العمل يتعين بما يحتمل عينيته، فأي أثر يترتب على البحث عن جريان أصالة البراءة أو أصالة عدم الوجوب بالنسبة إلى ما يحتمل كونه أحد فردي الواجب التخييري؟
وبالجملة: التكلم عما يقتضيه الأصل بالنسبة إلى ما علم تعلق الطلب به وشك في عينيته يغنى عن التكلم فيما يقتضيه الأصل بالنسبة إلى الطرف الآخر، فلا أثر للبحث عن أن أصالة البراءة هل تختص بالشك في الواجبات