وقد تخيل " شارح الروضة ": أن باب النجاسات واللحوم من صغريات تلك الكبرى، بتقريب: أن النجاسات في الشريعة معدودة محصورة في عناوين خاصة - كالدم والميتة والكلب والخنزير وغير ذلك - وقد علق وجوب الاجتناب على تلك العناوين الوجودية، فلابد في الحكم بالنجاسة ووجوب الاجتناب من إحراز تلك العناوين، ومع الشك في تحقق العناوين يبنى على الطهارة، وحيث إن الحيوان المتولد من طاهر ونجس لم يعلم كونه من العناوين النجسة يبنى على طهارته. وكذا جواز التناول والأكل قد علق في الشريعة على عنوان الطيب، كما قال تعالى: " أحل لكم الطيبات " والطيب أمر وجودي عبارة عما تستلذه النفس ويأنس الطبع به، والحيوان المتولد من حيوانين:
أحدهما مأكول اللحم والآخر غير مأكول اللحم، لم يعلم كونه من الطيب، فلا يحكم عليه بالحلية وجواز الأكل، بل ينبغي البناء على حرمته ظاهرا ما لم يحرز كونه من الطيب. هذا غاية ما يمكن أن توجه به مقالة " شارح الروضة ".
ولكن يرد عليه أولا: أن الكبرى - وهي ان تعليق الحكم على أمر وجودي يقتضى إحرازه - وإن كانت من المسلمات، إلا أن ذلك في خصوص ما علق فيه الحكم الترخيصي الإباحي على عنوان وجودي، لا الحكم العزيمتي التحريمي، فان الملازمة العرفية بين الأمرين إنما هي فيما إذا كان الحكم لأجل التسهيل والامتنان وقد علق على أمر وجودي (1) فلا يجوز الحكم بالترخيص