الركعتين الأولتين لم يؤخذ فيهما على نحو الصفتية، بل على نحو الطريقية، كما يدل على ذلك بعض الأخبار الواردة في ذلك الباب قوله عليه السلام:
" حتى تثبتهما أو تحرزهما " (1) وأمثال ذلك من التعبيرات الظاهرة في أن العلم اعتبر من حيث الطريقية. وبالجملة: ظاهر العلم مهما اخذ في لسان الدليل هو العلم الطريقي، وإرجاعه إلى العلم الصفتي يحتاج إلى قرينة لم نعثر عليها في شئ من المقامات ثم إن للمحقق الخراساني (قده) كلام في حاشيته على " الفرائد " في وجه قيام الطرق والأصول مقام القطع بجميع أقسامه، حتى بما اخذ على وجه الصفتية (وقد عدل عنه في الكفاية) وحاصل ما أفاده في " الحاشية " هو أن أدلة الطرق والأمارات إنما توجب تنزيل المؤدى منزلة الواقع، ولمكان العلم بحجية الأمارات يتحقق العلم بالمؤدى وأنه بمنزلة الواقع، وهناك ملازمة عرفية بين تنزيل المؤدى منزلة الواقع وتنزيل العلم بالمؤدى وأنه بمنزلة الواقع منزلة العلم بالواقع، فيتحقق كلا جزئي الموضوع بلا استلزامه الجمع بين اللحاظين الآلي والاستقلالي، فإن أدلة الأمارات لم تتكفل إلا لتنزيل المؤدى فقط، و كان تنزيل العلم بالمؤدى منزلة العلم بالواقع بالملازمة العرفية بين التنزيلين، فكأنه تحقق كل جزء من جزئي الموضوع بدليل يخصه، كما أنه لو قام دليل بالخصوص في ما اخذ العلم جزء الموضوع على تنزيل المؤدى منزلة الواقع، فإنه بدلالة الاقتضاء وصون كلام الحكيم عن اللغوية لابد من تنزيل العلم به منزلة العلم بالواقع، لأن المفروض أنه لا أثر للواقع حتى ينضم إليه العلم، هذا إذا قام دليل بالخصوص على تنزيل المؤدى فيما اخذ العلم جزء الموضوع.
وأما الأدلة العامة لحجية الطرق والأمارات فدلالة الاقتضاء لا تقتضي ذلك، لأنه لو لم ينزل العلم بالمؤدى منزلة العلم بالواقع لا يلزم لغوية