فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٣ - الصفحة ١٢
الانقسامات اللاحقة للمتعلق باعتبار تعلق الحكم به كقصد التعبد والتقرب في العبادات - وإذا امتنع التقييد امتنع الإطلاق أيضا، لان التقابل بين الإطلاق و التقييد تقابل العدم والملكة، ولكن الإهمال الثبوتي أيضا لا يعقل، بل لا بد إما من نتيجة الإطلاق أو من نتيجة التقييد، فان الملاك الذي اقتضى تشريع الحكم، إما أن يكون محفوظا في كلتي حالتي الجهل والعلم فلابد من نتيجة الإطلاق (1) وإما أن يكون محفوظا في حالة العلم فقط فلابد من نتيجة التقييد، وحيث لم يمكن أن يكون الجعل الأولى متكفلا لبيان ذلك فلابد من جعل آخر يستفاد منه نتيجة الإطلاق أو التقييد، وهو المصطلح عليه بمتمم الجعل، فاستكشاف كل من نتيجة الإطلاق والتقييد يكون من دليل آخر.
وقد ادعي تواتر الأدلة على اشتراك الإحكام في حق العالم والجاهل و نحن وإن لم نعثر على تلك الأدلة سوى بعض أخبار الآحاد التي ذكرها " صاحب الحدائق " في مقدمات كتابه، إلا أن الظاهر قيام الاجماع بل الضرورة على ذلك، و من هنا كان الجاهل المقصر معاقبا إجماعا. ومن تلك الأدلة والإجماع والضرورة يستفاد نتيجة الإطلاق وأن الحكم مطلق في حق العالم والجاهل. ولكن تلك

(1) أقول: لا شبهة في استحالة تقييد الحكم أو موضوعه بالعلم بنفس الحكم، لاستلزامه تقدم الشئ على نفسه، كما أنه لا يعقل سعة الحكم أو موضوعه بنحو يشمل هذه المرتبة المعبر عنه باطلاقه، ولكن لا بأس في جعل الحكم لنفس الذات في المرتبة السابقة عن العلم به، بنحو يشمل إطلاقه في رتبة نفسه للحالتين مع فرض ملاحظة الحالتين من لوازمه في الرتبة المتأخرة، وفى هذا المقدار لا يحتاج إلى متمم جعل، بل يتحقق بنفس الجعل الأولى، كما أنه لا قصور أيضا في جعل الحكم للذات في الرتبة السابقة التوئم مع خصوص العلم بحكمه لا مقيدا به ولا مطلقا، كما هو الشأن في كل معروض بالنسبة إلى عارضه الملحوظ في الرتبة المتأخرة، من دون اقتضاء التوئمية اتحاد الرتبة، كما في ملازمة كل علة مع معلوله. هذا كله أيضا في فرض ملاحظة العلم بهذا الجعل في الرتبة المتأخرة. ولئن لوحظ فيه العلم بانشائه الملازم مع العلم بحقيقة حكمه فلا بأس بتقييد موضوع الحكم المنشأ بهذا الانشاء بالعلم بانشائه المحفوظ في الرتبة السابقة الملازمة مع العلم بنفسه في الرتبة اللاحقة أيضا، بلا احتياج في ذلك المقدار أيضا إلى متمم الجعل. نعم: لو كانت المصلحة قائمة بالذات المقيدة بالعلم بنفسه لا محيص من الاحتياج إلى متمم الجعل - كما هو الشأن في دعوة الأمر في العبادات - ولكن أنى لنا باثباته! خصوصا في ظرف الإطلاق بمقتضى أدلة الاشتراك، كما لا يخفى.
(١٢)
مفاتيح البحث: الجهل (4)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست