للعذر عقلا، وأما الطرف الآخر غير المضطر إليه فهو باق على حكمه السابق لولا عروض الاضطرار، وحيث لم يؤمن من أن يكون هو متعلق التكليف فالعقل يستقل بلزوم التحرز عنه واستحقاق العقوبة عليه عند الاقتحام فيه وصادف كونه هو متعلق التكليف المعلوم بالإجمال. وأقصى ما تقتضيه حكومة أدلة رفع الاضطرار ونفى الضرر والعسر والحرج على أدلة الأحكام الواقعية، هو أنه لو صادف كون متعلق التكليف أو موضوعه هو المضطر إليه (إذا كان الاضطرار إلى المعين) أو هو الذي دفع به الاضطرار (إذا كان إلى غير المعين) كان موجبا إما لرفع التكليف واقعا وإما لعدم تنجزه على الوجهين في أن الاضطرار هل يوجب التوسط في التكليف أو التوسط في التنجيز، على ما سيأتي بيانه في محله.
فالقول بأن الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الإجمالي يوجب سقوط التكليف رأسا وجواز الاقتحام في غير ما يدفع به الاضطرار مطلقا، سواء كان الاضطرار إلى المعين أو غير المعين وسواء كان طرو الاضطرار قبل العلم الإجمالي أو بعده (1) ضعيف غايته، فان الضرورات تتقدر بقدرها، ولا معنى لسقوط التكليف عن موضوع لعروض الاضطرار إلى موضوع آخر، سواء أريد من السقوط السقوط الواقعي أو السقوط عن التنجز. وإن أردت الاطلاع على أطراف الكلام فراجع تنبيهات الاشتغال، فإنه قد استوفينا الكلام في ذلك بما لا مزيد عليه في ذلك المقام.
فتحصل: أن استلزام الاحتياط في جميع الوقايع المشتبهة العسر والحرج يوجب التبعيض في الاحتياط بترك الاحتياط في الموهومات والاحتياط في المظنونات والمشكوكات إن كان الاحتياط فيهما لا يستلزم العسر والحرج، وإلا فبترك المشكوكات كلا أو بعضا والاحتياط في المظنونات، ولو استلزم الاحتياط