تلك الأحكام بتلك الطرق، لانحلال العلم الإجمالي ببركتها، وإذا لم يكن لنا تحصيل العلم بالطرق المنصوبة، فلابد من التنزل إلى الظن بها، لأنه أقرب إلى العلم.
ولا يخفى: أنه على ما وجهنا به كلامه يندفع غالب ما أورد عليه الشيخ (قدس سره) بقوله: " وفيه أولا: إمكان منع نصب الشارع طرقا خاصة للأحكام الواقعية وافية بها، وإلا لكان وضوح تلك الطرق كالشمس في رابعة النهار الخ ".
وأنت خبير بأن ذلك إنما يرد عليه لو كان مراده من " الطرق المنصوبة " طرقا مخترعة أسسها الشارع من دون أن يكون لها عند العرف والعقلاء عين ولا أثر، فإنها هي التي تتوفر الدواعي إلى نقلها وكانت من الوضوح كالشمس في رابعة النهار، كما أفاده (قدس سره) ولكن دعوى " صاحب الفصول " لا تتوقف على ذلك، بل يكفي في صحة دعواه إمضاء ما بيد العرف والعقلاء من الطرق مع انسداد باب العلم بها، بمعنى أنه يعلم إجمالا إمضاء بعض الطرق العقلائية الوافي بالأحكام الشرعية، وقد خفى علينا ما أمضاه وانسد باب العلم به، بل قد تقدم سابقا: انه لا يحتاج إلى الإمضاء ويكفي عدم الردع عما بيد العقلاء من الطرق (1) ودعوى ذلك قريبة جدا لا سبيل إلى المنع عنها.