فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٣ - الصفحة ٤٥٣
الوطي وعدمه في الساعة التي تعلق الحلف بها، ولا موقع للنزاع في كون التخيير بدويا أو استمراريا، لأنه لا تعدد في الواقعة حتى يتصور فيها التخيير الاستمراري.
وإن كان على الوجه الثاني: فللنزاع في كون التخيير بدويا أو استمراريا مجال. فقيل: إن التخيير بدوي، فما اختاره المكلف في ليلة الجمعة الأولى من الفعل أو الترك لابد أن يختاره أيضا في الليالي اللاحقة، وليس له أن يختار في الليلة اللاحقة خلاف ما اختاره في الليلة السابقة، فإنه لو اختلف اختياره في الليالي لزم منه المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالإجمال، فأنه يعلم بتحقق الحنث، إما في الليلة السابقة، وإما في الليلة التي هو فيها، فلأجل الفرار عن حصول المخالفة القطعية لابد من أن يكون التخيير بدويا، هذا.
ولكن للنظر في ذلك مجال، فان المخالفة القطعية لم يتعلق بها التكليف التحريمي شرعا بحيث تكون المخالفة القطعية كسائر المحرمات الشرعية قد تعلق بها النهى المولوي الشرعي، بل قبح المخالفة القطعية كحسن الطاعة من المستقلات العقلية التي لا تستتبع الخطاب المولوي، وحكم العقل بقبح المخالفة القطعية فرع تنجز التكليف، وإلا فنفس المخالفة بما هي مخالفة لا يحكم العقل بقبحها ما لم يتنجز التكليف.
وبالجملة: مخالفة التكليف المنجز قبيحة عقلا، وأما مخالفة التكليف الغير المنجز فلا قبح فيها، كما لو اضطر إلى الاقتحام في أحد أطراف المعلوم بالإجمال واتفق مصادفة ما اضطر إليه للحرام الواقعي، فأنه مع حصول المخالفة يكون المكلف معذورا، وليس ذلك إلا لعدم تنجز التكليف (1) ففي ما نحن فيه

(1) أقول: عمدة شبهة من التزم بتقديم حرمة المخالفة وكون التخيير بدويا، هو أن حكم العقل بلزوم الموافقة التدريجية بنحو الاقتضاء وبحرمة المخالفة القطعية التدريجية بنحو العلية، ومع التزاحم تقدم العلية على الاقتضاء، فيحكم بالحرمة دون لزوم الموافقة. وذلك البيان لا ينافي عدم التنجيز بالنسبة إلى كل آن آن بنحو الدفعية، وإنما تجئ الشبهة من منجزية العلم الإجمالي بالحرمة بنحو التدريج، وهذا المعنى وإن كان متحققا بالنسبة إلى الوجوب أيضا إلا أن تنجزه بنحو الموافقة التدريجية كان ملغى، فيبقى تنجزه بالنسبة إلى المخالفة القطعية على حاله.
وحينئذ الأولى في الجواب أن يقال: إن عدم الجمع بين امتثال لزوم الموافقة وحرمة المخالفة القطعية إذا كان بمناط " لا يطاق " فالعقل في هذا المقام لا يفرق بينهما بالاقتضاء والعلية، وإنما الفرق في الاقتضاء والعلية في قابلية العلم للرخص الشرعي في أحد الطرفين بمناط البراءة الشرعية وعدمه، بلا نظر إلى مناط " لا يطاق " والترخيص في المقام هو بمناط " لا يطاق " وفي هذا المقام نسبة حكم العقل علية واقتضاء بمناط واحد، كما لا يخفى فتدبر.
قد تم والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا باطنا في شهر شوال المكرم سنة 1362
(٤٥٣)
مفاتيح البحث: شهر شوال المكرم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 » »»
الفهرست