المحذورين في مقام العمل، وإلا كان من التخيير الشرعي الظاهري، فتأمل جيدا.
الأمر الثاني:
إذا كان لأحد الحكمين اللذين تعلق العلم الإجمالي بأحدهما مزية على الآخر، إما من حيث الاحتمال (كما إذا فرض كون احتمال الوجوب أقوى من احتمال الحرمة) وإما من حيث المحتمل (كما إذا كان الشئ الذي يحتمل تعلق الوجوب به على تقدير وجوبه من أقوى الواجبات الشرعية وأهمها بخلاف ما إذا كان الشئ حراما فليس بتلك المرتبة من الأهمية) فهل المزية تقتضي تعين الأخذ بصاحبها، فيبنى على الوجوب إذا كان من حيث الاحتمال أو المحتمل أقوى من الحرمة، فيتعين على المكلف ترتيب آثار الوجوب على الفعل، فلا يجوز تركه اعتمادا على احتمال أن يكون الفعل حراما؟
أو أن المزية لا تقتضي تعين الأخذ بصاحبها، بل للمكلف اختيار الفعل واختيار الترك؟
ربما يتوهم: أن المزية تقتضي تعين الأخذ بصاحبها، لأن المقام يكون من صغريات دوران الأمر بين التعيين والتخيير، وقد تقدم: أن الأصل يقتضى التعيينية.
وأنت خبير بما فيه، فان ما تقدم من اقتضاء الأصل التعيينية عند الشك في التعيين والتخيير إنما كان لأجل العلم بالخطاب والتكليف الشرعي الذي يلزم امتثاله وكان مرجع الشك فيهما إلى الشك في الامتثال والسقوط، وأين هذا مما نحن فيه؟ فان التخيير في دوران الأمر بين المحذورين ليس لاقتضاء الخطاب ذلك، بل إنما هو من التخيير العقلي التكويني كما تقدم، فإذا لم يكن في البين خطاب شرعي يكون المكلف ملزما باتيانه وكان وجود العلم