بالشبهات للإرشاد إلى عدم الوقوع في المحرمات (1) لأن التجنب عن الشبهات يوجب حصول ملكة الردع عن المحرمات، كما أن الاقتحام فيها يوجب التجري على فعل المحرمات، وذلك هو الظاهر من قوله - صلى الله عليه وإله - " فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم " فمفاد أخبار التثليث أجنبي عن مقالة الأخباريين.
الدليل الثالث: (الذي استدل به الأخباري على وجوب الاحتياط في الشبهات التحريمية) هو حكم العقل، وتقريره من وجهين:
أحدهما: العلم الإجمالي بثبوت محرمات في الشريعة وهذا العلم الإجمالي حاصل لدى كل أحد قبل مراجعة أدلة الأحكام، ولا إشكال في استقلال العقل بأن الاشتغال اليقيني يستدعى البراءة اليقينية، فلابد من ترك كل ما يحتمل الحرمة ليحصل اليقين بالفراغ، ولا يجوز الاقتصار على ترك ما علم حرمته، لأن ذلك لا يوجب حصول العلم بالفراغ.
ثانيهما: كون الأصل في الأفعال الغير الضرورية والتي لا يتوقف عليها حفظ النظام الحظر، فلا يجوز الاقتحام في كل أمر لم يعلم الإذن فيه.
ولا يخفى ما في كلا الوجهين من الضعف.
أما الوجه الأول: فلانحلال العلم الإجمالي بعد الرجوع إلى الأدلة والاطلاع على مقدار من المحرمات يمكن انطباق المعلوم بالإجمال عليها، بل يمكن أن يقال: إنا نعلم بمصادفة بعض الأمارات للواقع بقدر المعلوم بالإجمال من الأحكام الواقعية. وعلى ذلك يحمل ما أجاب به الشيخ (قدس سره) عن الدليل العقلي بقوله: " منع تكليف غير القادر على تحصيل العلم إلا بما أدى إليه الطريق " وإن كان ذلك خلاف ظاهر العبارة، فان ظاهرها لا ينطبق على