نعقبه بذكر أدلة المثبتين لها.
فنقول: قد استدل النافون بالأدلة الأربعة.
فمن الكتاب: الآيات الناهية عن العمل بالظن وما وراء العلم، كقوله تعالى: " قل إن الظن لا يغنى من الحق شيئا " (1) ومن السنة: الأخبار الناهية عن العمل بالخبر إذا لم يكن عليه شاهد من كتاب الله تعالى والأخبار الآمرة بطرح ما خالف كتاب الله تعالى، وهي كثيرة تبلغ التواتر، ولا شبهة أن غالب الأخبار التي بأيدينا، إما أن تكون مخالفة لكتاب الله تعالى ولو بالعموم، وإما أن لا يكون عليها شاهد من الكتاب، فلا يجوز العمل بها، خصوصا بعد ما ورد في جواب سؤال " داود بن فرقد " كما في البحار عن بصائر الدرجات قال: " كتبت إليه (عليه السلام) عن العلم المنقول عن آبائك وأجدادك قد اختلفوا علينا فيه، كيف العمل به على اختلافه؟
فكتب (عليه السلام) بخطه: ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعملوا فردوه إلينا " (2).
ومن الإجماع: ما ادعاه السيد (رحمه الله) في مواقع من كلامه، حتى جعل العمل بالخبر الواحد بمنزلة العمل بالقياس في قيام الضرورة على بطلانه.
ومن العقل: ما ذكره " ابن قبة " من أن العمل بخبر الواحد موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال، والعقل يستقل بقبحه على الشارع.
وأنت خبير بأنه لا دلالة لشئ من هذه الأدلة على المنع عن العمل بخبر الواحد.
أما الآيات: فلأن مساقها حرمة العمل بالظن في باب العقائد وأصول الدين وعلى فرض تسليم عمومها لمطلق الأحكام الشرعية، فغايته أن تكون